تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

محمد الصوفي يقول سمعت عبد الله بن علي الطوسي يقول سمعت يحيى بن على الرضا العلوي قال سمع ابن حلوان الدمشقي طوافا ينادى ياه سعتر بري فسقط مغشيا عليه فلما أفاق سئل فقال حسبته يقول اسع تر بري # وسمع عتبة الغلام رجلا يقول % سبحان رب السماء إن المحب لفى عناء % # فقال عتبة صدقت وسمع رجل آخر ذلك القول فقال كذبت فكل واحد يسمع من حيث هو # لا سيما وأكثرها إنما وضعت لمحبة لا يحبها الله ورسوله مثل بعض هذه الأجناس وإنما المدعي لمحبة الله ورسوله يأخذ مقصوده منها بطريق الاعتبار والقياس وهو الإشارة التي يذكرونها ولهذا قال مخاطبات وإشارات فالمخاطبات كدلالة النصوص والإشارات كدلالة القياس ولا بد أن يكون قد علم أن تلك المخاطبات والإشارات إنما يفهم منها المستمع ويتحرك فيها حركة يحبها الله ورسوله فيكون قد علم من غيرها ان ما يقتضيه من الشعور والحال مرضى عند ذي الجلال بدلالة الكتاب

والسنة وإلا فإن مجرد الاستحسان بالذوق والوجدان إن لم يشهد له الكتاب والسنة وإلا كان ضلالا # ومن هذا الباب ضل طوائف من الضالين وإذا كان كذلك فمن المعلوم أن مثل هذا جميعه لا يجوز أن يجعل طريقا إلى الله ويجمع عليه عباد الله ويستحب للمريدين وجه الله لان ما فيه من الضرر هو اضعاف ما فيه من المنفعة لهم ولكن قد صادف السر الذي يكون في قلبه حق بعض هذه المسموعات فيكون مذكرا له ومنبها # وهذا معنى قول الجنيد السماع فتنة لمن طلبه ترويح لمن صادفه # وأما قول القائل السماع وارد حق يزعج القلوب إلى الحق فمن أصغى إليه بحق تحقق ومن أصغى إليه بنفس تزندق فالسماع الموصوف أنه وارد حق الذي يزعج القلوب إلى الحق هو أخص من السماع الذي قد يوجب التزندق فالكلام في ظاهره متناقض لأن قائله أطلق القول بأنه وارد حق يزعج القلوب إلى الحق ثم جعل من أصغى إليه بنفس تزندق # ووارد الحق الذي يزعج القلوب إلى الحق لا يكون موجبا للتزندق لكن قائله قصد أولا السماع الذي يقصده أهل الارادة لوجه الله فلفظه وإن كان فيه عموم فاللام لتعريف المعهود أي يزعج قلوب أهل هذه الإرادة إلى الحق لكونه يحرك تباكيهم ويهيج باطنهم فتتحرك قلوبهم إلى الله الذي يريدون وجهه وهو إلههم ومعبودهم ومنتهى محبوبهم ونهاية مطلوبهم

# ثم ذكر أنه من أصغى إلى هذا السماع تزندق وهو من أصغى إليه بإرادة العلو في الأرض والفساد وجعل محبة الخالق من جنس محبة المخلوق وجعل ما يطلب من الاتصال بذي الجلال من جنس ما يطلب من الاتصال بالخلق فإن هذا يوجب التزندق في الاعتقادات والإرادات فيصير صاحبه منافقا زنديقا وقد قال عبد الله بن مسعود الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ولهذا تزندق بالسماع طوائف كثيرة كما نبهنا عليه قبل هذا # ويقال هنا من المعلوم أن النفس سواء أريد بها ذات الإنسان أو ذات روحه المدبرة لجسده أو عني بها صفات ذلك من الشهوة والنفرة والغضب والهوى وغير ذلك فإن البشر لا يخلو من ذلك قط ولو فرض أن قلبه يخلو عن حركة هذه القوى والإرادات فعدمها شئ وسكونها شئ آخر والعدم ممتنع عليها ولكن قد تسكن ولكن إذا كانت ساكنة ومن شأن السماع أن يحركها فكيف يمكن الإنسان أن يسكن الشئ مع ملابسته لما يوجب حركته # فهذا أمر بالتفريق بين المتلازمين والجمع بين المتناقضين وهو يشبه أن يقال له أدم مشاهدة المرأة والصبي والأمرد أو مباشرته بالقبلة واللمس وغير ذلك من غير أن تتحرك نفسك أو فرجك إلى الاستمتاع به ونحو ذلك فهل الأمر بهذا إلا من احمق الناس

# ولهذا قال من قال من العلماء العارفين إن أحوال السماع بعد مباشرته تبقى غير مقدورة للإنسان بل تبقى حركة نفسه وأحوالها أعظم من احوال الإنسان بعد مباشرة شرب الخمر فإن فعل هذا السماع في النفوس أعظم من فعل حميا الكؤوس # وقوله من أصغى إليه بحق تحقق فيقال عليه وجهان # أحدهما أن يقال إن الإصغاء إليه بحق مأمون الغائلة أن يخالطه باطل أمر غير مقدور عليه للبشر أكثر مما في قوة صاحب الرياضة والصفاء التام أن يكون حين الإصغاء لا يجد في نفسه إلا طلب الحق وإرادته لكنه لا يثق ببقائه على ذلك بل إذا سمع خالط الإصغاء بالحق الإصغاء بالنفس إذ تجرد الإنسان عن صفاته اللازمة لذاته محال ممتنع # الثاني أن يقال ومن أين يعلم أن كل من أصغى إليه بحق تحقق بل المصغى إليه بحق يحصل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير