تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

# فهذا الذي فسر به الشيخ ابو عثمان هو فرقان # وكذلك ما ذكره الشبلي انه قال الغيرة غيرتان فغيرة البشرية على النفوس وغيرة الالهية على القلوب قال الشبلي غيرة الالهية على الانفاس ان تضيع فيما سوى الله اذا فسر بأن البشر يغارون على الحظوظ مما هو من جنس المنافسة والمحاسدة وليس هذا بمحمود # واما الغيرة الالهية على القلوب على ما يفوتها من محاب الحق ومراضيه فهذا كلام حسن من احسن كلام الشبلي رحمة الله عليه فإن كان هذا يغار على نفسه فلا كلام وان كان يغار من حال غيره ففيه شبه ما من قول النبي صلى الله عليه وسلم لا حسد الا في اثنتين رجل اتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورحل اتاه الله مالا وسلطه على هلكته في الحق فإنه اخبر انه لا ينبغي لأحد الا يغبط احدا الا على هذا # وكذلك ما ذكره ابو القاسم القشيري بعد ذلك حيث قال والواجب ان يقال الغيرة غيرتان غيرة الحق على العبد وهو ان

لا يجعله للخلق فيضن به عليهم وغيرة العبد للحق وهو ان لا يجعل شيئا من احواله وانفاسه لغير الحق فلا يقال انا اغار على الله ولكن يقال انا اغار لله فإن الغيرة على الله جهل وربما تؤدي الى ترك الدين والغيره لله توجب تعظيم حقوقه وتصفية الاعمال له # فهذا كلام جيد لكنه بالاصطلاح الحادث ليس هو بالاصطلاح القديم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين ان غيرة الله ان يأتي المؤمن ما حرم عليه وهذا يشترك فيه السابقون والمقتصدون وهم اولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ثم السابقون يجعل اعمالهم كلها لله فإنهم الذين لا يزالون يتقربون الى الله بالنوافل حتى يحبهم ومن احب الله وابغض لله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان فإذا صانهم عن العمل لغيره فصارت اعمالهم كلها لله تركوا المحارم واتوا بالواجبات والمستحبات # وقد شبه تنزيههم عن فضول المباح وعن فعل المكروهات

وترك المستحبات غيرة من الحق عليهم فهذا امر اصطلاحى لكن المعنى صحيح موافق الكتاب والسنة # واما قوله غيرة العبد للحق ان لا يجعل شيئا من احواله وانفاسه لغير الحق فهذا غيرة على نفسه ان يكون شيء من عمله لغير الله # وهذا ايضا حال هؤلاء السابقين الاتين بالفرائض والنوافل المجتنبين للمحارم والمكاره قال الله تعالى ^ فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ^ سورة فاطر 32 # ولا ريب انه يدخل في هذا غيرته اذا انتهكت محارم الله فانه اذا لم يغر لله حينئذ مع امر الله له بالغيرة لم يكن عمله الذي اشتغل به عن هذا الحق لله وكان للشيطان # وكذلك قوله لا يقال اغار على الله ولكن يقال انا اغار لله كلام حسن جيد كما قال الغيرة على الله جهل وهي كما قدمناه حسد وكبر يسمونه غيره فيحب احدهم ان لا يشركه غيره في

التقرب الى الله وابتغاء الوسيلة اليه ويريدون ان يسموا ذلك باسم حسن لئلا يذموا عليه ويسمونه غيرة لان من عادة البشر اذا احب احدهم انسانا محبة طبيعية سواء كانت محبتة محرمة كمحبة الأمور والمرأة الأجنبية أو غير محرمة كمحبة أم أنه ببشر يته يغار من ان يشاركه في ذلك احد فجعلوا محبتهم لله بمنزلة هذه المحبة وهذا من اعظم الجهل والظلم بل محبة الله من شأنها ان يحب العبد ان جميع المخلوقات يشركونه في ذلك # كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفس بيده لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه من الخير ما يحبه لنفسه # ومثل هذه الغيرة المذمومة ما ذكره طائفة من السلف قالوا لا تقبل شهادة القراء او قالوا الفقهاء بعضهم على بعض لأن

بينهم حسد كحسد النفوس على زريبة الغنم ويقال فلان وفلان يتصاولان على الرياسة تصاول الفحلين فلا ريب ان فحول البهائم تتغاير وتتحاسد وتتصاول على اناثها يطلب كل منها من الاخر ان لا يزاحمه كما يتغاير الفحول الادميون على مناكحهم وهذا فيما امر الله به محرم # كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله اخوانا وكذلك شبه تغاير الضراير # لكن هنا قد يعترض امر فيه شبهة وهو ان يكون من المعارف والاحوال ما يقال فيه انه لا يصلح لبعض الناس فيغار احدهم ان تكون تلك الامور كذلك المنقوص الذي يصنع مثل ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير