عادوا مرة أخرى ليبعثوا روح المغول والتتار في تدمير المكتبات وحرق المخطوطات النادرة ومحو الآثار النفيسة والنهب والسلب فكان حقاً علي أن أبين تلك الوقائع وأن أبرز جهاد العراقيين الأوفياء في حماية تلك المكتبات وتلك الآثار الخالدة من أيدي الجهل والدمار.
وآثرت أن أعرض لتلك المكتبات الواحدة تلو الأخرى وأبين في سرد يسير تأريخ تلك المكتبات وما حوته من مخطوطات ومن ساهم في تطورها وما جرى لها من أحداث معززاً بالأدلة ذلك، وآثرت أن أختارها لا على التعيين ودعَّمت القول بشهادات المعنيين والعلماء والمهتمين، سائلا المولى عز وجل أن يكتب لي به الأجر، وأن يحفظ تراث هذه الأمة.
[مكتبة الأوقاف العامة في بغداد]
تأسست مكتبة الأوقاف العامة في بغداد سنة 1928م، بعد أن كانت كتبها و مخطوطاتها موزعة في مكتبات الجوامع و المساجد والمدارس الدينية حيث تم جمع شتاتها لتكون في مكان واحد يتيح لطلبة العلم والعلماء والراغبين في الانتفاع من مصادرها ومحتوياتها بالمطالعة والبحث والتحقيق، وقد جرى حفل افتتاحها في الساعة الخامسة من مساء يوم الجمعة الموافق 11 صفر 1347ه والموافق 27 تموز 1928م، وقد حوت في أول الأمر تسع خزانات تضمنت بعض موقوفات أهل الخير وسراة بغداد ونفر من الولاة في الدولة العثمانية العلية.
(مبنى مكتبة الأوقاف العامة في باب المعظم فتح سنة 1931م)
وكانت تضم آلافاً من المخطوطات في اللغات: العربية، والتركية، والفارسية، وقليلاً من الكردية، وبلغ عددها ثلاثة آلاف وستمائة وأربعة عشر مخطوطاً حتى عام 1953م.
وجلها تحف رائعة، فيها النفيس وفيها النادر، وفيها نسخ جمهرة من المؤلفين على مر العصور، وحوت على المخطوطات الأصلية وبعضها بخط مؤلفيها أنفسهم.
وقد بقيت هذه التحف والمخطوطات والنوادر مخبوءة عن الملأ مجهولة عن الباحثين والعلماء وذوي الاختصاص حتى قيض الله عز وجل لها عالماً جليلاً هو الدكتور محمد أسعد أطلس المتوفى سنة 1959م، إذ قام بنظم فهرست عام لمخطوطات هذه المكتبة، وقد استمر في عمله وحبس نفسه عن الناس طوال الفترة الممتدة من سنة 1950م إلى 1953م، حيث أثمر عمله عن فهرست عام ثمين أسماه "الكشاف عن مخطوطات خزائن كتب الأوقاف "، وطبع على نفقة مديرية الأوقاف العامة في بغداد عام 1953م، وقد وصف في هذا الكتاب (3614) مخطوطاً، استغرقت (428) صحيفة من القطع الكبير وبعمودين.
وبعد عام 1952 دخلت إلى المكتبة مخطوطات جديدة وعددها (407)، فتكفل بوصفها كتاب آخر هو " المستدرك على الكشاف عن مخطوطات خزائن كتب الأوقاف "، وقد طبع في بغداد سنة 1965م، في (411) صحيفة متوسطة.
ليصبح عدد الآثار والكتب الخطية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد (4025) مخطوطاً نادراً ونفيساً.
وبعد هذا أهدت أسرة السيد حسن الأنكرلي المتوفى سنة 1344ه، خزانة مخطوطاته إلى المكتبة، وكان عدها (154) مخطوطاً.
وطبع لها فهرس خاص عرف فيما بعد باسم " فهرس مخطوطات حسن الأنكرلي المهداة إلى مكتبة الأوقاف العامة في بغداد، وذلك سنة 1967م، وطبعت في مطبعة الآداب في النجف، وأصبح عدد المخطوطات فيها (4179) مخطوطاً أصلياً.
وفي عام 1969م ضمت إليها مخطوطات جديدة عثر عليها في إحدى المدارس الدينية في محافظة كركوك، كما نقلت إليها مخطوطات خزانة جامع الإمام الأعظم في الأعظمية.
وأهدى إليها أيضاً أمين المكتبة السابق السيد عبد الله الجبوري عدداً من مخطوطاته في جملة الخزانة التي أهداها إليها، فتجمع من ذلك كله عدد كبير من المخطوطات الجديدة التي لم تفهرس إذ أصبح عددها (304) مخطوطات، لذلك بات أمر توحيد هذه الفهارس الثلاثة ضرورياً وجعلها في كتاب واحد مستقل حيث بلغ عددها (4284) مخطوطاً.
وكانت الأسباب الآتية دافعاً لذلك:
إن المجاميع التي وصفت في الكشاف تحتاج إلى العناية والدقة في الوصف، حيث وقع اضطراب في فهرست رسائلها، فأُهملَ عدد كبير جداً من هذه الرسائل ولم يذكر فيها، ومقارنة يسيرة بين الكشاف – باب المجاميع - وبين الرسائل تثبت هذا القول.
الأوهام التي حصلت في الكشاف كثيرة إضافة إلى أخطاء المستدرك.
دخول مخطوطات جديدة إلى المكتبة في فترات متفاوتة.
نفاد هذا الفهرست من المكتبات والأسواق.
¥