تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مكتبات المساجد ظهرت مع ظهور المسجد في المغرب، وما سميته بمكتبات المساجد الجامعة فإنها تلكم المكتبات التي أسست بإزاء بعض الجوامع الكبرى التي كانت تقوم بدور الجامعة في العصر القديم، وأخص منها بالذكر خزانة جامع القرويين الذي يعتبر أقدم جامعة عربية إسلامية، وخزانة جامع ابن يوسف بمراكش الذي أسسه علي بن يوسف بن تاشفين المرابطي في مطلع القرن السادس الهجري، وقد كان للخزانتين، مع ما يماثلهما من مؤسسات، دور كبير في تطوير الثقافة وفي الحفاظ على المخطوطات، ولا تزالان إلى اليوم تؤديان هذا الدور.

وبإزاء هذه المكتبات توجد مدارس عتيقة، خصوصا في المدن القديمة كفاس ومراكش، لإيواء الطلاب الآفاقيين. إن هذه المؤسسات التي كان يقطن فيها الطلبة كانت مزودة بمكتبات للمطالعة والقراءة، ولم تكن مقتصرة على القاطنين وحدهم بل كانت تتجاوزهم إلى غير القاطنين من طلبة المساجد والمعاهد الأخرى (12).

وبالإضافة إلى ذلك بدأت تظهر في المغرب، خصوصا ابتداء من القرن العاشر الهجري، زوايا قامت بأدوار بارزة سواء في تطوير الثقافة أو في سبيل الحفاظ على التراث المخطوط. وعلى الرغم من كون السبب الرئيسي في إنشاء هذه المؤسسات سياسيا وذلك لمواجهة الغزو المسيحي للمغرب منذ القرن التاسع، فإنها قد أعطت أكبر العقول وأعظم المؤلفات وأهم الخزانات التي عرفها تاريخ المغرب، بدءا من عصر السعديين، ولا تزال خزانة زاوية تامجروت الناصرية بالجنوب المغربي تشهد على ذلك. أما خزانة الزاوية الدلائية التي كاد يتم لزعمائها الاستيلاء على المغرب بأكمله في القرن الحادي عشر الهجري فإنها كانت حسب المؤرخين في مستوى خزانة الحكم المستنصر الأموي التي كانت تضم أربعمائة ألف كتاب. يحدثنا الشيخ عبد الحي الكتاني أن الكثير من كتب هذه الخزانة قد آل إلى خزانة السلطان العلوي المولى الرشيد الذي حبس بعضا منها على خزانة المسجد الكبير بمكناس (13).

كما آل رصيد منها إلى خزانات أخرى كخزانة الزاوية العياشية وخزانة مسجد مدينة "بزو" التي عثر فيها على النسخة الوحيدة لكتاب "البرصان والعرجان والعميان والحولان" للجاحظ ت255هـ.

بعد هذا العرض المختصر عن العوامل والظروف التي عملت على إنشاء المكتبات وتجميع أرصدة المخطوطات في المغرب، نرى الآن كيف تم تنظيمها وفهرستها قديما وحديثا.

إن كتب التراث والحضارة التي تشير إلى خزانات الكتب إشارات عابرة لا تحدثنا عن أنظمة هذه الخزانات إلا نادرا وعندما تتعرض لذلك فإنها تقتصر على ذكر اسم القيم عليها وذكر بعض محتوياتها من غير أن تتجاوزهما إلى الحديث عن عملية الفهرسة التي هي موضوع البحث.

وعلى الرغم من جهود المغاربة القدماء في محاولة فهرسة المخطوطات فإنها لا تعدو أن تكون قوائم و لوائح لا تخضع لأي نظام أو ترتيب، والواقع فإن الفهرسة بدأت مع بداية الخزانة المنظمة في المجتمع المغربي في العصر الحديث. وأول فهرس من هذا الصنف، جدير بالإشارة إليه، هو الفهرس الذي وضعه المستشرق الفرنسي (ألفرد بل) Alfred Bel لمجموعة خزانة القرويين في مطلع هذا القرن.

وسنتتبع الآن الفهارس التي وضعت حتى الآن لمختلف الخزانات المغربية، حسب التقسيم الثلاثي الذي اقترحناه في مقدمة هذا البحث ثم نتبعه الحديث

عن المناهج المتبعة في الفهرسة وتقييمنا لها ثم نختم بموقفنا من الفهرسة وبعرض بعض المقترحات، لتقويم هذه العملية التقنية والعلمية في آن واحد.

1 – الخزانة الملكية:

أشرنا آنفا إلى أن المصادر لم تفصح عن ذكر فهارس الخزانة الملكية إلا ما أشارت إليه من لوائح تفتقر إلى كل المواصفات التي تتميز بها الفهرسة الحديثة، ويبقى أن أول محاولة وضعت لترتيب مخطوطات الخزانة الملكية (14) وفهرستها تلكم التي قام بها العلامة محمد الفاسي، من خلال البحث الذي نشره عام 1964 بمجلة البحث العلمي بعنوان: "الخزانة السلطانية وبعض نفائسها": بعد مقدمة موجزة عن تاريخ المكتبات المغربية عموما و المكتبات الملكية خصوصا.

أشار المؤلف إلى الدور الرئيسي الذي لعبته هذه المؤسسات في حفظ التراث، مع عرض لعدد من نوادر الخزانة محيلا على بروكلمان وليفي بروفنسال وحاجي خليفة.

وقد كان الترتيب الذي وضعه محمد الفاسي لهذه الخزانة على الشكل التالي:

- وصف بعض النوادر والنفائس.

- السيرة النبوية.

- الجغرافية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير