في أول دولته وشهد عليه جماعة من الطواشيه وغيرهم بأمور منكرة فأغضى عنه، وقال إنه جاور في هذا العشر يعني الذي مات فيه سنة بمكة قال ونظمه كثير وغالبه وسط ويندر له الجيد وفيه السفساف وكتب إليه في سنة تسع وتسعين:
تطلبت إذناً بالرواية عنكم فعادتكم إيصال بر وإحسان
ليرفع مقداري ويخفض حاسدي وأفخر بين الطالبين ببرهان
فأجاب مخطئاً للوزن في البيت الثاني:
أجزت شهاب الدين دامت حياته بكل حديث جاز سمعي بإتقان
وفقه وتاريخ وشعر رويته وما سمعت أذني وقال لساني
وقال التقي المقريزي: " اجتمع بي بعد طول امتناعي من ذلك وأنشدني كثيراً من شعره .... ومن الصوفية من كان يزعم أنه يعلم الحرف والاسم الأعظم، بل وصفه الجمال بن ظهيرة وناهيك به بشيخنا الإمام العلامة شيخ الطريقة والحقيقة، .... وقال عنه البرهان في مشيخته: اجتمعت به في مدينة غزة في قدمتي إليها في ربيع الآخر سنة إثنين وثمانين وسبعمائة فوجدته رجلاً كثير المعروف ووقت جلوسي عنده دق الباب عليه مرات ويخرج ويجيئ وهو مسترزق من العقاقير، وبعض الناس من أهل غزة يقولون إنه ينفق من الغيب، وهو رجل فاضل يعرف قراءات القرآن ويصف أشياء للأوجاع كالأطباء، ويطلب منه الدعاء وقد طلب مني أحاديث من كتاب العلم لأبي خيثمة زهير بن حرب وسمعها على في القدمة الثالثة وسمعت أنا عليه وقرأت أيضاً بعض شيئ من شعره وأجاز لي ماله من نظم ونثر. " [5]
ويقول عنه ابن تغري بردي في موضع آخر حيث ينقل وصف قاضي القضاة جمال الدين بن ظهيرة المكي الشافعي حيث قال: " أنشدنا شيخنا الإمام العلامة شيخ الحقيقة والطريقة أبو إسحاق إبراهيم بن زقاعة الغزي لنفسه من لفظ [6] ". ووصفه وبين مكانته فقال: " كانت رئاسته في علوم كثيرة، وحظ زائد عند ملوك مصر - الظاهر برقوق، وولده الناصر فرج، ونال من الحرمة والوجاهة ما لم ينله غيره من أبناء جنسه، بحيث أنه كان يجلس فوق قضاة القضاة، وقد سألت عنه قاضي القضاة الحافظ شهاب الدين بن حجر فقال: كان قد اشتمل على عقل الملك الظاهر برقوق، وحظي عنده ولده الناصر فرج، وكان يعرف الأعشاب، ولم يزد على ذلك [7]، وكان إماماً بارعاً مفنناً في علوم كثيرة لا سيما في معرفة الأعشاب والرياضة وعلم التصوف. مولده سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وقال المقريزي: مولده سنة خمس وأربعين، والأصح ما قلناه، فإنه ما مات حتى بلغ الشيخوخة.
وكان الناس فيه على أقسام: فمنهم من كان يعتقد صلاحه، ومنهم من كان يطنب في غزير علمه وفضله، ومن الصوفية من كان يزعم أنه يعرف الحرف ويدري الاسم الأعظم. " [8]
وأرخ له ابن العماد الحنبلي فقال: " مولده سنة أربع وعشرين وسبعمائة على الصحيح .. وتوفى بالقاهرة في ثامن عشر ذي الحجة ودفن خارج باب النصر. " [9]
وأدرجه النبهاني من ضمن الأولياء الذين ترجم لهم إلا أنه نسبه إلى بلاد المغرب [10] وهو الوحيد الذي أورد هذا النسبة لابن زقاعة، فقد أجمعت كتب التراجم على نسبته " بالغزي " نسبة إلى مدينة غزة هاشم " [11]- والكرامة التي أوردها النبهاني لابن زقاعة هي " ... ما حكاه الحافظ ابن حجر عن خليل الأقفهسي المحدث عن المقري الشيخ محمد القرمي أنه كان في خلوة، فسأل الله أن يبعث إليه بقميص من يد ولي من أوليائه، فإذا بابن زقاعة ومعه قميص، فأعطاه إياه ثم انصرف فوراً. ويقال إنه كان يعرف الاسم الأعظم ومنافع ا لنبات. ... وكان يسكن القدس وغزة، وله ديوان شعر فيه من المدائح النبوية والقصائد الصوفية " [12]
واعتبره الشيخ عثمان الطباع من النبغاء الذين أنجبتهم غزة هاشم [13]، فقال: " ... ونبغ منها -[أي غزة]- وتصدر فيها للتدريس في القرن الثامن وما بعده جماعة من أعاظم العلماء وأجلاء الفضلاء منهم: إمام المحققين وقطب العارفين أبو اسحق إبراهيم الغزي المعروف بابن زقاعة الغزي وكان آية في الطب والتشريح والفلك والأدب وله ديوان شعر وتآليف. " [14] وترجم لم له في الجزء الثاني من كتابه إتحاف الأعزة في تاريخ غزة - ترجمة مختصرة ومتمثلة لمعظم ما جاء في كتب التراجم التي ترجمت له. ونقل عن العبدلي في كتاب المزارات حيث تكلم فيه عن المكان الذي دفن فيه ابن زقاعة وهي مقبرة الصوفية خارج باب النصر فقال: " ... وكان بهذه المقبرة قديماً قبور كثير من أهل
¥