تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذهب جمع من أهل العلم إلى كراهة جهر المرأة بصوتها أمام الرجال الأجانب ومن هؤلاء:

قال المروادي في الإنصاف (8/ 31): (وقال ابن عقيل في الفصول: يكره سماع صوتها بلا حاجة ... )

قال ابن الجوزي في كتاب النساء له: سماع صوت المرأة مكروه .. )

القول الثالث:

أن جهرالمرأة بصوتها ليس بعورة إذا أمنت الفتنة

قال الدمياطي في إعانة الطالبين (3/ 260): ( ... وليس من العورة أي صوت المرأة،ومثله صوت الأمرد، فيحل سماعه ما لم تخش فتنة أو يلتذ به وإلا حُرم).

وقال ابنُ مفلح في الفروع: (1/ 372): (والمذهب أنه – أي صوت المرأة – ليس بعورة):

قلت: وكذا أورده المرداوي (الإنصاف 8/ 30) عن القاضي الزريراني الحنبلي في حواشيه على المغني وقال: هل صوت الأجنبية عورة؟

فيه روايتان منصوصتان عن الإمام احمد – رحمه الله –

ظاهر المذهب ليس بعورة.

وعنه أنه عورة اختاره ابن عقيل فقال: يجب تجنب الأجانب الاستماع من صوت النساء على ما تدعو الحاجة إليه؛ لأنّ صوتها عورة.أ. هـ

وقال النووي في الروضة (7/ 21): (وصوتُها ليس بعورة على الأصح، لكن يحرم الاصغاء إليه عند خوف الفتنة.

وإذا قرع بابها – أي الرجل- فينبغي أن لا تجيب بصوت رخيم بل تغلظ صوتها

قلت: هذا الذي ذكره من تغليظ صوتها كذا قاله أصحابنا: قال: إبراهيم المروزي: تأخذ ظهر كفها بفيها وتجيب كذلك).

تتمة

وأباح جماعة من المعاصرين , إجهار المرأة بصوتها بإطلاق , منطلقين في أحكامهم من عمومات الأدلة، وحوادث أعيان لا تدل على ما ذهبوا إليه.

فمثلاً: مجيء النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستفتاؤه أمام الصحابة عدّ في نظرهم دليلاً بأنّ صوت المرأة ليس بعورة مُطلقاً؛ فيجوز لها أن تُلقى محاضرة عامة أو تذيع برنامجاً في قناة إذاعية أو تلفازية ونحو ذلك وهو قول غير معروف عند السلف، ولم يقل به عالم يعتد بقوله وإنما هو لبعض المعاصرين الذين لم يتأملوا حقيقة الآثار الواردة ولم يعنوا بأقوال السلف، ولم يطالعوا ويفقهوا أقوال الأئمة كما أنهم لم يدركوا مقاصد الشريعة وأسرارها!!

وقد وقعت بعض الخيرات من النساء ضحايا هذا الفتاوى الجريئة، فتسابقن في المشاركات الفضائية، والإذاعية أو عبر غرف (البالتوك) بدعوى نشر العلم والدعوة فأفسدن أكثر ممّا أصلحن، وقدّمن من أنفسهن قدوات للمراهقات والشوابّ في الجرأة والله المستعان.

الترجيح

الراجح أنّ الأصل في حق المرأة خفض الصوت, ومنع الخضوع بالقول ولكن يجوز لها الكلام بحدود الحاجة إذا أمنت الفتنة، وعليه تحمل كل الأحاديث الدالة على كلام المرأة بحضرة الرجال وسماعهم صوتها.

قال ابنُ حجر في الفتح (9/ 509): (وفيه: جوازُ سماع كلام الأجنبية عند الحكم والإفتاء عند من يقول: إنّ صوتها عورة، ويقول: جاز هنا للضرورة).

قلت: ومما يدل على جواز رفع المرأة صوتها والاجهار به لمصلحة شرعية ونحوها أحاديث كثيرة منها:

حديث سفعاء الخدين، وحديث ركب الحجيج في الروحاء وهذا نصُّهما:

1 - عن جابر رضي الله عنه، قال: ((شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير آذان ولا إقامة ثم قام متوكئاً على بلال؛ فأمر بتقوى الله وحثّ على طاعته ووعظ الناس وذكرّهم, ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال: تصدقن فإنّ أكثركن حطب جهنم، فقامت امرأة من سطة النساء، سفعاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير .. ) [البخاري:] [مسلم: 885].

2 - عن ابن عباس – رضي الله عنهما – ((عن النبي صلى الله عليه وسلم: لقي ركباً بالروحاء فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله، فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر) [مسلم: 1336]

القسم الثالث: وهو كلام المرأة المعتاد من غير خضوع ولا جهر عند الحاجة.

وهذا القسم لا أعلم أحداً من أهل العلم حرّمه، إذ لا بد للمرأة من محادثة الأجانب عند الحاجة من بيع أو شراء أو سؤال أو جواب، وعليه تحمل الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ((فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير