تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكلام العلماء يعنون به قتال الكفار خاصة.

وفيما يلي أحكام الجهاد وخلاف العلماء فيها:

اختلف أهل العلم – رحمهم الله – في أحكام الجهاد، هل هو فرضُ عين أم فرض كفاية، أم تطوع مشروع، فزعم بعضهم أنه فرض عين في كل حال ,وقال آخرون: هو فرض عين في أحوال مخصوصة إلى غير ذلك مما سيأتي بسطه في الأوراق التالية:

القول الأول: الجهاد فرض عين في كلّ حال.

ذهب سعيد بن المسيب – رحمه الله – إلى القول بأنّ الجهاد فرض على كل مسلم في عينه أبداً، حكاه الماوردي ونقله عنه القرطبي في الجامع (3/ 38).

وقال ابن النحاس في مشارع الأشواق (1/ 98): (وحُكى عن ابن المسيب، وابن شبرمة أنه فرض عين).

قلت: وأمّا الجصاص في الأحكام (4/ 311) فقد قال: (حكي عن ابن شبرمة والثوري في آخرين أنّ الجهاد تطوع وليس بفرض) فلعله قول آخر لابن شبرمة.

القول الثاني: الجهادُ فرضُ عين في بعض الأحوال:

خصّ كثير من أهل العلم فرضية الجهاد على الأعيان في أحوال ثلاثة وفيما يلي ملخصها:

أولها: إذا هجم العدو على بلاد المسلمين:

قال الجصاص في الأحكام (4/ 312): " معلوم في اعتقاد جميع المسلمين، أنّه إذا خاف أهل الثغور من العدو، ولم تكن فيهم مقاومة لهم فخافوا على بلادهم وأنفسهم وذراريهم إنّ الفريضة على كآفة الأمة أن ينفر إليهم من يكفّ عاديتهم عن المسلمين، وهذا لا خلاف فيه بين الأمة إذ ليس من قول أحد من المسلمين إباحة القعود عنهم حتى يستبيحوا دماء المسلمين وسبي ذراريهم".

وقال القرطبي (الجامع: 8/ 151): (لو قارب العدو دار الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضاً الخروج إليه، حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة، ويخزي العدو ولا خلاف في هذا).

قال ابن عبد البر المالكي في الكافي (1/ 205): (الجهاد ينقسم أيضاً قسمين: أحدهما: فرض عام متعين على كل أحد ممّن يستطيع المدافعة والقتال وحمل السلاح من البالغين الأحرار وذلك أن يحل العدو بدار الإسلام محارباً لهم، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفاقاً وثقالاً وشباباً وشيوخاً ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقل أو مكثر، وإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا قلوا أو كثروا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة).

وقال العدوي في حاشيته (2/ 4): (العدو إذا فجأ مدينة قوم مثلاً فيتعين على كل أحد، وإن لم يكن من أهل الجهاد كالمرأة والعبد).

وقال الشيرازي في المهذب (2/ 229): (وإن أحاط العدو بهم تعين فرض الجهاد).

وقال البغوي إذا دخل الكفار دار الإسلام فالجهاد فرض عين على من قرب, وفرض كفاية على من بعد)

وقال ابن قدامة في المغني (9/ 163) معدداً الحالات التي يتعين فيها القتال: (الثاني: إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم).

وقال ابن تيمية في الفتاوى (28/ 80): (فيكون فرضاً على الأعيان مثل أن يقصد العدو بلداً).

2 - ثانيها: إذا استنفر الإمام:

والحالة الثانية التي يتعين فيها الجهاد هي عند استنفار الإمام فإنه يلزم حينئذ كلّ من شَمله الاستنفار النهوض إلى الجهاد بعينه ولا يجوز له أن يتخلف سواء كان النفير عاماً أم خاصاً بمعنى أنّ الإمام لو استنفر جماعة من الناس للجهاد دون غيرهم تعين عليهم.

الأدلة:

1/ قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض .... قليل).

2/ قوله عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عباس رضي الله عنه:

" لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونية، وإذا استنفرتم فانفروا " [البخاري: 2825] [مسلم: 1353].

قال الحصّاصُ: (لو استنفرهم الإمام مع كفاية مَنْ في وجه العدو من أهل الثغور، وجيوش المسلمين، لأنّه يريد أن يغزو أهل الحرب ويطأ ديارهم فعلى من استنفر من المسلمين أن ينفروا) بواسطة هيكل 2/ 885

قال الدسُوقي في حاشيته (2/ 175): (إنّ كلّ من عينه الإمام للجهاد فإنه يتعين عليه ولو كان صبياً مطيقاً للقتال أو امرأة أو عبداً أو ولداً أو مديناً، ويخرجون ولو منعهم الولي والزوج والسيد وربُّ الدين).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير