وقال الجصاص في الأحكام (4/ 311): (الجهاد فرض على الكفاية ومتى قام به بعضهم سقط عن الباقين).
وقال الكاساني في (البدائع: 7/ 97): (فإن لم يكن النفير عاماً فهو فرض كفاية ومعناه أن يفترض على جميع من هو من أهل الجهاد لكن إذا قام به البعض سقط عن الباقين).
وقال الدردير في الشرح الكبير (2/ 174): (الجهاد فرض كفاية).
وقال في مواهب الجليل (3/ 346): (الجهاد في أهم جهة كلّ سنة وإن خاف محارباً كزيارة الكعبة فرض كفاية).
قال ابن عطية في المحرر الوجيز (2/ 217): (واستمر الإجماع على أنّ الجهاد على أمة محمد صلى الله عليه وسلم فرض كفاية، فإذا قام به من قام من المسلمين سقط عن الباقين إلا أن ينزل العدو بساحة الإسلام فهو حينئذ فرض عين).
وقال الشيرازي في المهذب (2/ 227): (والجهاد فرض، والدليل عليه قوله تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) وقوله تعالى: (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم)، وهو فرض على الكفاية، إذا قام به من فيه كفاية سقط الفرض عن الباقين .. وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى لحيان وقال:" ليخرج من كل رجلين رجل" ثم قال للقاعدين:" أيكم خَلَفَ الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج"
ولأنه لو جُعل فرضاً على الأعيان لاشتغل الناس به عن العمارة وطلب المعاش فيؤدي ذلك إلى خراب الأرض وهلال الخلق.
وقال ابن قدامة: في الكافي (4/ 251): (وهو فرض لقوله تعالى: (كتب عليكم القتال) [البقرة: 216].
وقوله: (انفروا خفافاً وثقالاً) [التوبة: 41].
وقال: (إلا تنفروا يعذبكم الله عذاباً أليماً) [التوبة: 39] وهو من فروض الكفايات إذا قام به من به كفاية سقط عن الباقين لقوله تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله .. إلى قوله: (وكلا وعد الله الحسنى): [النساء: 95].
ولو كان فرضاً على الجميع ما وعد تاركه الحسنى وقال تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) [التوبة: 122] ولأنه لو فرض على الأعيان لاشتغل الناس به عن العمارة وطلب المعاش والعلم فيؤدي إلى خراب الأرض وهلاك الخلق) .. .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (28/ 80): (الجهاد فرض على الكفاية).
الأدلة:
1 - قوله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كلّ فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) [التوبة: 122].
وهذه الآية الشريفة دالة بصراحة يأنه لا يلزم النفير العام لمجاهدة الكفار، وإنّما يكفي البعض للنفير، وتظل فرقة لطلب العلم والفقه وتعليم الناس.
2/ قوله تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى وفضل المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً).
والشاهد من الآية أنّ الله تعالى وعد كلاً من المجاهدين والقاعدين الحسنى وهذا يدل على عدم فرضية الجهاد على الأعيان وإلا لما وعد المتخلفين عنه بذلك.
الأدلة من السُنّة:
1 - أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا ويؤمر عليها بعض أصحابه، ويقيم هو وغيره بلا نفير.
2/ وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه -: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى لحيان، وقال:" ليخرج من كلّ رجلين رجل" ثم قال للقاعدين:" أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج"). [مسلم: 1896].
والشاهد من الحديث واضح - بحمد الله - فالنبي صلى الله عليه وسلم انتدب للخروج إلى الجهاد بعض أصحابه ووعد القاعدين بنصف أجور الخارجين، ولو كان الخروج متعيناً على الجميع لما أجروا على تخلفهم.
رابعاً: الجهاد تطوع وليس فرضاً:
قال الجصاص في الأحكام (4/ 311): (حكى عن ابن شُبرمة والثوري في آخرين أنّ الجهاد تطوع وليس بفرض، وقالوا: (كتب عليكم القتال) ليس على الوجوب بل على الندب كقوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين).
¥