عمرو بن العاص إذ قد روى حديث جويرية السابق و أيضاً فمعلوم أنه رضي الله عنه كان يصوم يوماً و يفطر يوماً ثم لما كبر صار يصل الصيام عشرة أيام ثم يفطر عشراً ليتقوى على الصوم، وفي الحالين لا بد من أن يصوم السبت، و ممن لا يقول بحرمته أبو هريرة رضي الله عنه إذ روى حديث النهي عن صيام الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده.
ومن تتبع سير الصحابة والتابعين في القرون المفضلة سيجد الكثير منهم رضي الله عنهم كان يصوم صوم داود عليه السلام أو يسرد الصوم مما يعني أنهم لم يكونوا يرون في صوم السبت بأساً، ولولا خشية الإطالة لنقلنا شيئاً من ذلك، فمن أراد المزيد فدونه سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي أو كتاب علو الهمة للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم أو كتاب علو الهمة أيضاً للشيخ سيد العفاني.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن من تقدم ذكرهم من الأئمة المصححين أو المحسنين للحديث لم يرد عن أحدهم القول بالحرمة إلا الشيخ الألباني، رحمة الله على الجميع، كما لم يرد عن أي منهم القول بالكراهة مطلقاً، كما أن كتب الفقه التي تعنى بذكر المسائل الخلافية ذكرت في المسألة قولين أحدهما إباحة صيام السبت و الآخر كراهة صيامه منفرداً.
وفيما يلي نذكر ما ورد عن بعض هؤلاء الأئمة:
1 ـ الترمذي: قال في السنن ج3/ 120
باب ما جاء في صوم يوم السبت 744 حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا سفيان بن حبيب عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه قال أبو عيسى هذا حديث حسن ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تعظم يوم السبت.
2 ـ ابن خزيمة: قال في صحيحه ج3/ 316
باب النهي عن صوم يوم السبت تطوعا إذا أفرد بالصوم بذكر خبر مفسر بلفظ عام مراده خاص وأحسب أن النهي عن صيامه إذ اليهود تعظمه وقد اتخذته عيدا بدل الجمعة.
3 ـ ابن حبان: قال في صحيحه ج8/ 379
(فصل في صوم يوم السبت ذكر الزجر عن صوم يوم السبت مفردا)
وقال ج8/ 381
(ذكر العلة التي من أجلها نهى عن صيام يوم السبت مع البيان بأنه إذا قرن بيوم آخر جاز صومه)
4 ـ الحاكم: قال في المستدرك ج1/ 601
(هذا حديث صحيح [يعني حديث ابن بسر] على شرط البخاري ولم يخرجاه وله معارض بإسناد صحيح وقد أخرجاه ... ) فذكر حديث جويرية رضي الله عنها وبعده قول ابن وهب (سمعت الليث يحدث عن ابن شهاب أنه كان إذا ذكر له أنه نهى عن صيام يوم السبت قال هذا حديث حمصي) قال الحاكم (وله [أي حديث النهي] معارض بإسناد صحيح ... ) فذكر حديث أم سلمة رضي الله عنها وفيه (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت والأحد وكان يقول إنهما يوما عيد للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم)
5 ـ ابن قدامة: قال في المغني ج 3/ 52
(والمكروه إفراده، فإن صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرة وجويرية، وإن وافق صوما لإنسان لم يكره)
6 ـ النووي: قال في المجموع ج6/ 452
(والصواب على الجملة ما قدمناه عن أصحابنا أنه يكره إفراد السبت بالصيام إذا لم يوافق عادة له لحديث الصماء)
7 ـ الذهبي: قال في تنقيح التحقيق 1/ 396
(يحمل الحديث على أنه كان يصوم معه يوماً) نقلاً عن بحث الشيخ زياد.
8 ـ ابن الملقن: قال الشوكاني في النيل 4/ 340 (وقد جمع صاحب البدر المنير بين هذه الأحاديث فقال النهي متوجه إلى الإفراد)
مع العلامة الألباني رحمه الله في القول بالحرمة
اعلم أخي الكريم أن الشيخ رحمه الله رغم تصحيحه القديم لحديث النهي إلا أنه لم يكن يقول بحرمة صيام السبت في النفل، قال رحمه الله في الإرواء ج4/ حديث 960 (ولو صح [يعني حديث أم سلمة] لم يصلح أن يعتبر ناسخاً لحديث ابن بسر ولا أن يعارض به كما ادعى الحاكم، لإمكان حمله على أنه صام مع السبت يوم الجمعة، وبذلك لا يكون قد خص السبت بصيام، لأن هذا هو المراد بحديث ابن بسر كما سبق عن الترمذي.) يشير بذلك إلى قول الترمذي في السنن بعد أن حسن الحديث (ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تعظم يوم السبت)
¥