الكلام على عبارة الطحاوي من وجهين، الأول: هل استخدم الطحاوي و السلف لفظ الكراهة بمعنى التنزيه؟ الجواب نعم، و أنت لو تأملت ما نقلتُه عن شرح المعاني 4/ 199 ستجد أنه ليس حجة علي لأن الطحاوي رحمه الله (فهم) كراهة النبي عليه السلام لأكل الضب أنها قد تكون للتنزيه، فاستخدام الكراهة للتنزيه سائغ عنده و هذا هو المراد، كما أنه سائغ عند الأئمة كما نقلتُ عن الإمام أحمد رحمه الله.
الوجه الثاني: هل قوله عن السبت " كره قوم ... " أراد به التحريم أم التنزيه؟
و قد قلتُ إما ألا نستطيع ترجيح أحد المعنيين فحينئذ لا يعد هذا الكلام إثباتاً لسلف للقائلين بالحرمة، و إما أن نستطيع الترجيح، و أنت أخي الكريم تقول أنه لو أراد كراهة التنزيه لصرح بذلك فأقول
قال في شرح معاني الآثار [جزء 4 - صفحة 200]
"وقد كره قوم أكل الضب منهم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين." قال الحافظ في الفتح " وحكى عياض عن قوم تحريمه وعن الحنفية كراهته ... " ثم نقل عن الطحاوي كلامه السابق، فها هو الحافظ رحمه الله فهم أن الطحاوي ينقل عن أبي حنيفة و صاحبيه الكراهة التنزيهية لا التحريمية مع أنه لم يصرح بذلك، فأي فرق بين عبارته " كره قوم أكل الضب " و " كره قوم صوم السبت تطوعاً"؟
لقد ذكرتُ لك سابقاً ثلاثة أسباب ـ أحسبها قوية ـ ترجح أن مراده رحمه الله هو التنزيه و في المقابل رددتُ على ما تعتبره مرجحاً لإرادته التحريم و هو عدم تصريحه بإرادة التنزيه، فما قولك بارك الله فيك؟
أما قولك فأقول: إذا صح الحديث فهو حجة بذاته، ولسنا بملزمين بأن ننظر في كل حديث نبوي ونقول مَن عمل به! فإذا لم نجد رددنا حديث حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أظنك تخالفني الرأي.
فقد رددتُ على هذا الكلام في البحث أخي الفاضل و ذلك في (الإشكال السادس فهم السلف) فليتك تراجعه، و كان مما قلته:
" 7. أما كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره، فالذين يقولون بكراهة صيام السبت منفرداً قد أثبتوا الحديث وليس هذا محل النزاع و إنما فهم الحديث ... "
بمعنىً آخر فإن من قالوا بكراهة إفراد السبت قد عملوا بالحديث على هذا الفهم و لم يردوه، و هو الفهم الذي كان عليه الشيخ رحمه الله كما في الإرواء فليس هذا رداً للحديث.
قلتَ ولكن: إذا أتينا برجل من السلف قال بتحريم يوم السبت هل يا تُرى ينتهي الخلاف في المسألة؟!
لا يا أخي الكريم لا ينتهي الخلاف لكنه يجعل الأقوال في المسألة ثلاثة، و بحثي أخي الكريم ـ من اسمه ـ ليس لرفع الخلاف بل هو لبيان أن هذا القول الثالث لا يصح بحال، و حيث إننا بحمد الله نرفع راية الكتاب و السنة (بفهم سلف الأمة) فلزامٌ علينا أن نحكم هذا الضابط في كل المسائل و هو الأمر الذي أطالب كل من يتابع الشيخ رحمه الله في هذه المسألة أن يبين لي أين هو بوضوح و جلاء.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[05 - 02 - 06, 04:37 ص]ـ
الأخ الحبيب أسامةالأثري ... أحبك الله الذي أحببتني فيه و جمعنا في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله
وو فقني و إياك لما يحب و يرضى.
لقد علقتُ على مشاركة لك هناك فراجعها مشكوراً.
ـ[محمد حسين شعبان]ــــــــ[05 - 02 - 06, 12:47 م]ـ
ألا يكفي مَن قال بالتحريم الصحابيُّ الجليل عبد الله بن بسر رضي الله عنه؟!
ثم وقفت على حديث لصحابي آخر في (السلسلة الصحيحة) (3101) عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لا تصم يوم السبت إلا في الفريضة، ولو لم تجد إلا لحاء شجرة فأفطر عليه).
قال الشيخ الألباني: ((وإذا عرفت ما تقدم؛ فمن الظلم للسنة والانحراف عنها أن يبادر بعض المعاصرين إلى الشك في صحة هذا الحديث بله الجزم بضعفه، فضلاً عن القول بأنه كذب! والله المستعان.
ثم وجدت له شاهداً أو طريقاً أخرى، يرويه أحمد (6/ 368): .......... أخبرني عمير ابن جبير (!) مولى خارجة: أن المرأة التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم السبت حدثته: أنها سألت رسول الله عن ذلك؟ فقال:
(لا لكِ، ولا عليكِ) .... )) إلخ.
ثم وقفت في الصحيحة -المجلد الأول (ص446): (حدثنا أرطاة قال: سمعت أبا عامر قال: سمعت ثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم السبت؟ فقال: سلوا عبدالله بن بسر؟ فسئل؟ فقال ...... ).
¥