تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما أخرجا أحاديث كثيرة من رواية أئمة آل البيت كرواية البخاري لحديث (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئا)، في قصة صفية رضي الله عنها من طريق علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وحديث علي رضي الله عنه في قصة الشارفين، في كتاب فرض الخمس قال: " كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاني شارفاً من الخمس .... " الحديث، وهو من طريق علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه رضي الله عنه.

وأخرج له مسلم أيضاً في باب فضائل فاطمة رضي الله عنها، كما أخرج أحاديث عديدة من طريق جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر، ومنها حديث جابر في وصف حجة النبي عليه الصلاة والسلام، ولو كانت المسألة طائفية لما رويا شيئاً من ذلك.

وأما إخراجهم لبعض أهل البدع كعمران بن حطان وغيره ممن عرف برأي الخوارج، فقد تقدم الكلام عن ذلك في الجزء الأول من هذا الموضوع بما يغني عن إعادته هنا، والمقصود بيان أن المسألة مبناها عندهم على الصدق والضبط، وإلا لما أخرجا في الصحيح لجماعة من الرواة ممن رموا بالتشيع، بعد أن ثبت عندهما صدقهم وضبطهم وتحرزهم عن الكذب كعبد الرزاق بن همام الصنعاني، و علي بن الجعد، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وإسماعيل بن أبان، و جرير بن عبد الحميد، و خالد بن مخلد القطواني وغيرهم كثير ويمكن مراجعة (مقدمة الفتح 646).

فتبين أن الأمر لم يكن أمر تعصب وطائفية، وإنما الأمر أمر شروط الشيخين اشترطاها والتزما بها، ومن ثم لم يخرجا إلا ما صح عندهما وكان على شرطهما، بخلاف غيرهما كالإمام أحمد وغيره فإن شروطهم دون ذلك، وقد روي عنه رحمه الله أنه كان يقول: " نحن إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل تساهلنا ".

عبارات قيلت في الصحيحين

ولما لم تسعفه الحجة العلمية، والبحث الموضوعي، ذهب يتصيد هنا وهناك ليبحث عن عبارات وأقوال، تسقط مكانة الصحيحين في الأمة، فخرج لنا بطائفة من الأقوال المحرفة المبتورة، التي أساء فهمها وحرفها عن مواضعها عن تعمد وسوء قصد.

فزعم أنه في مقابل الإفراط إلى حد التعسف والغلو في الثناء على الصحيحين وحفظ مقامهما وشأنهما، إلا أن هناك طائفة من علماء أهل السنة أنفسهم نظروا إلى الصحيحين نظرة الباحث الناقد، وصدرت منهم عبارات تشكك من هذه القداسة والهالة التي نسجت حولهما.

بين البخاري والذهلي

ومن ذلك كلام الإمام الذهلي على البخاري وما جرى بينهما في مسألة اللفظ في القصة المعروفة المشهورة في كتب السير والتراجم، ولسنا في صدد مناقشة وتفصيل ما جرى بين الإمامين، بل بيان موقف أهل العلم من العبارة التي صدرت من الإمام الذهلي وغيره من العلماء، وكيف تعاملوا معها.

فمن المعلوم أن البخاري رحمه الله عندما قدم نيسابور كان الذهلي نفسه يحث تلاميذه وطلابه على حضور مجلسه، فلما أقبل الناس على الإمام وذاع صيته، دخل في نفسه ما لا يسلم منه بشر، فقال عبارته تلك، قال الحاكم أبو عبد الله سمعت محمد بن حامد البزاز قال سمعت الحسن بن محمد بن جابر يقول: سمعت محمد بن يحيى قال لنا لما ورد محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور: " اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح، فاسمعوا منه فذهب الناس إليه، وأقبلوا على السماع منه حتى ظهر الخلل في مجلس محمد بن يحيى فحسده بعد ذلك وتكلم فيه ".

وقال أبو أحمد بن عدي ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور اجتمع الناس عليه، فحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه، واجتماعهم عليه، فقال لأصحاب الحديث: " إن محمد بن إسماعيل يقول: (اللفظ بالقرآن مخلوق)، فامتحِنوه في المجلس، فلما حضر الناس مجلس البخاري، قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه، فقال الرجل: يا أبا عبد الله، فأعاد عليه القول، فأعرض عنه، ثم قال في الثالثة: فالتفت إليه البخاري وقال: " القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والامتحان بدعة، فشغب الرجل، وشغب الناس، وتفرقوا عنه وقعد البخاري في منزله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير