قال أبو عبدالرحمن: في كل بلد سخف وطني، فالصحافة التي تنشر الجهل والتسطيح، وما ليس بأصيل فكراً، ولا مض
وحينما يدب الداء إلى المفكرين، فينتقلون من الاعتزاز بالأمة العربية بشرطها الإسلامي، وبسعة دائرتها مواطنة وانتماء فكرياً وتاريخياً .. ثم يلغون الأخوة الإسلامية، ويحولونها إلى مفاخرات ومنافرات قبلية يفضل فيها الاعتزاز إلى (جاهلي قاطع طريق)، ومستبيح مال ودم ع الناس لنا بشائبة من الحق، بما اقترفوه من كسب الخبز الخبيث الخسيس من عرق الآدمي: يكفلون العمالة ويهيّتونها، ويتقاضون أجرهم لأجل الكفالة!! .. وربما باعوها!! .. ولا يحسنون إليهم إن ع
يقول دوستويفسكي في رسائله: ما يأتي عفو الخاطر يأتي مفتقراً إلى النضج!! .. وأجاب عن ظاهرة في مخطوطات شكسبير أنه لا يوجد فيها شيء من الحذف بقوله: «إن وجود كثير من الثغرات والنواقص لديه إنما يعود لهذا السبب» .. والرسائل اليومية ـ وإن كثرت رسائله هو ـ لا يعتد قائم ومدروس، ولكن العجلة تتلف كل شيء!!» .. ويقول: «الكتابة تحت الطلب تقتل!!». ويقول: «أنا أعمل، لكن لا إنتاج لي ألبتة .. لا عمل لي سوى تمزيق ما أكتب!!» .. ويقول: «كلما تقدمت في السن ازداد عملي تعثراً!!» .. ويقول عن قراءآته (3) وكتابته وتصحيحه: «أبقى منتصباً على رجليّ حتى السادسة صباحاً» .. ويقول: لم أقم طيلة العام 1870م بسوى الحذف والتعديل» .. ويقول: «كل ما يلج الفهم بسرعة لا يستغرق وقتاً طويلاً» (4) .. هذا الكاتب العالمي المدقق إلى حد الوسوسة: كثرت همومه ورعيته، وكفل عائلة أخيه بعد وفاته ـ قبل أن تفسد أخلاق الأمم، وتتفكك روابط الأسرة بإحكام الماسونية (بنت الصهيونية السياسية) التدبير لإسقاط الحكومات الكبرى، وإحلال القانون الماسوني الوضعي محل الأديان، وتكفل بوفاء ديونه، فأصبح يصل ليله بنهاره تأليفاً وكتابة دون أن يصحح ما كان يكتبه!! (5).
قال أبوعبدالرحمن: إنني أعيش كل هذه اله
وعن افتقاد الحذف في مخطوطات شكسبير: فإن أفخر المخطوطات في تراثنا ما كان مسوّداً بالكشط والتحويق وعلامات المقابلة واللحق.
وأما تأخر إنجاز العمل العلمي، لمتطلبات التحقيق العلمي مع وجود التصميم: فيحدث تأزماً أسهل ما فيه إثارة القولون!
وأما الكتابات تحت الطلب فلم تقتلني، لأنني محايد فيما أكتب .. ولكنني قتلت مالم أستطع المحايدة فيه!
وتقدم السن لا يحدث أثراً كبيراً على القراءة الحرة المزاجية، ولكنه يقلص النشاط في الكتابة إلا أن يستعين المسن بمصححين ومحضّرين بإطلاق، ونساخاً مستملين بعض المرات.
والتعديل والإضافة والحذف هو العمل التأليفي الحقيقي المضني لما تم تسويده تسويداً أولياً، وحالت الشواغل دون إنجازه في الوقت المقدّر.
الهوامش:
(1) تعدد علامات الترقيم ـ حال طلب المقام لها ـ مما أخل به المعاصرون، كما أغفلوا نهاية العنوان من علامة الترقيم، وهي علامة جمالية إضافة إلى دلالتها، ولا أعلم لحذفها مسوغاً مقبولاً.
(2) نشرت ترجمة الدروبي بعد ترجمة حاسبيني، والعبارات متقاربة، مما يدل على استفادة اللاحق .. إلا أن ترجمة الدروبي أوفى .. ولم يذكر حاسبيني مرجعه في الترجمة، وسبق هاتين الترجمتين ترجم قادراً على التصحيح، فخضع التصحيح لاجتهاد غيره .. ولعل هذا سبب الاختلاف، وسبب النقص والزيادة في ترجماتها.
(3) اختار كتابة الهمزة على الألف خلاف قاعدة أهل الرسم التقليدية، لأنه لا مسوغ لكتابة رأس الهمزة فقط وسط السطر، وإذا عدم المسوغ لزم الرجوع إلى الأصل، وهو إعطاء الحرف صورته كاملة.
(4) ما مضى اقتباس من كتيب دوستويفسكي، مقالات ومحاضرات، تأليف أندريه جيد، وتعريب إلياس حنا إلياس من سلسلة زدني علماً، منشورات عويدات ببيروت وباريس.
(5) انظر مقدمة الدكتور محمد الصباح لترجمة حاسبيني، ص7.
ـ[الاستاذ]ــــــــ[06 - 09 - 05, 10:09 م]ـ
أعباأ (1) الدار والجار
¥