تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 10 - 05, 05:43 م]ـ

متا تكون الجادة ولو طالت

المطلوب في الطريق أمران: أولهما اليسر، وثانيهما قصر المسافة؛ فإذا قصرت المسافة وصعب الطريق بالتعرجات، فهاهنا تكو الجادة مقدّمة ولو طالت .. أما إذا وُجد الطريق الأقصر والأيسر، فإن اليسر والقصر أولاً من الجادة الطويلة .. والذي أسعا إليه في الرسم الإملائي يتصف بأمور عديدة كلها يجعل الرسم الإملائي الذي اخترته هو الطريق الأيسر الأقصر بلا نتوآت .. وتلك الأمورعلى النحو الآتي:

أولها: أن الرسم الإملائي ليس من الثوابت الكيانية التي يكون الإمساس بها عداأً للأمة: كالدعوة إلا استبدال الفصحا بالعامية، أو الحرف العربي بالحرف اللاتيني أو غيره، أو تشكيك وجحد لحق الأمة في الرقعة أو في أي إرث تاريخي .. بل هو من غير الثوابت .. بل هو متطور لم يتصف باللانهائية والمطلق، بل بدأ الرسم العالمي جملة بدائياً غير موصِّل كهاذه النماذج العديدة التي نجدها مرسومة من خطوط الأمم .. ثم انفصل الخط العربي بمفهوم الأمة عرقاً من خطوط الأمم السامية بمفهوم العروبة وصفاً .. ولبدائيته وتخلّف استقلاله عن التوصيل اعتورته نماذج تجريبية، فعلا سبيل المثال النقطة مرة تكون علامة همز، ومرة علامة إعجام .. ثم بلغ الرسم الإملائي شكله النهائي منذ ابن قتيبة والصولي إلا نصر الهوريني .. إلا المجامع اللغوية العربية .. ولما عز عليّ أحفل كتاب في هاذا الموضوع وهو كتاب المطالع النصرية لنصر الهوريني ـ رحمه الله ـ صورته من شيخنا أبي تراب الظاهري منذ سبعة وعشرين عاماً تقريباً، وتصفحته مراراً، وقارنته باجتهادات قديمة منذ الكسائي والفرإ، واجتهادات حديثة للمجامع ولدعاة تسهيل الرسم الإملائي: فرأيت أن هاذا الرسم جادة طويلة غير ميسّرة، وغيره أيسر وأقصر بدون أدنا خلل .. بل الخلل واللبس في الرسم الإملائي المعتاد؛ لأنه صعّب الرسم بكثرة القواعد ولاسيما في أحكام الهمزة لغير ضرورة .. ووجدت أن الرسم بإجماع لا خلاف فيه يقوم علا الاحتفاظ بصورة الحرف كما تكتب وتنطق، وبالإعجام ـ أما الإهمال فعلامة في ذاته ـ، وتشكيل ما أشكل إلا في ثلاثة مواضع، وهي: قيام الشدة عن تكرار الحرف المضعف، وقيام علامة التنوين عن كتابة حرف النون، وزيادة ذيل في طرف القاف تنوب عن إعجامها.

وثانيها: أنني لم أجعل تيسيري انسيابياً بلا قاعدة، ولم أجعل فيه ثغرة دون حاجة كيانية أو كمالية، بل أعملت القاعدة الجوهرية الأم عند جميع علماإ العربية، وهي أن الحرف يُكتب كما ينطق، واحترست عن اللبس بالإعجام الذي يتسامح فيه أكثر الكتاب، وبالتشكيل لما أشكل الذي يتسامح أكثر الكتاب في تحقيق الضروري منه، وفصَلْتُ علم النحو والصرف عن الرسم؛ فرسمت اليائيَّ كما ينطق بالألف .. أما أن يكون أصل الكلمة يائياً أو واوياً فمن مهمة علم الصرف، والرسم الإملائي لتعليم الناس القراأة وفقاً لرسم ميسَّر لا نقص فيه .. علا سبيل المثال تجد الأحمد نكري في كتابه دستور العلماإ يكتب «إلى» ويضع مدة صغيرة بعد اللام في مواضع كثيرة .. وإن احترس هو هاذا الاحتراس فغيره متعسِّر عليه ذالك، أو مهمل له عمداً .. واليسر في كتابتها بالألف كما تكتب «ألا»؛ لأن ذلك هو الأصل والفارق في النطق كون الهمزة فوق الألف أو تحتها.

وثالثها: أن الرسم الإملائي بوضعه الراهن أصبح مادة عويصة مقرَّرة ومع هذا يخطأ كبار المثقفين كتابة ونطقاً .. وكم من مرة سمعت في إذاعات عالمية تنتقي عرباً متمكنين تنطق المِأة مائة؛ لأنها وجدتها مكتوبة كذالك، وتنطق حوالي حوالا؛ لأنها وجدت تسامحاً في الإعجام، ورأت الياأ تكون ألفاً، فنطقت بهاذا النطق المضحك .. ولست أرا ـ ونحن في عصر العلوم المتراكمة الضرورية ـ أن الرسم الإملائي يستحق أن يكون مادة مستقلة تُدرَّس بقواعد جانبية غير ضرورية.

ورابعها: أنني استبقيت من الرسم الإملائي القديم ما اجتمع فيه علتان لا علة واحدة مثل كتابة «مشائية»؛ لأن في ذالك علتي كراهية توالي ألفين، وجمال اتصال حروف الكلمة مع وجود دليل التصحيح وهو كسر الهمزة، ومناسبة إلياإ لها .. أما مثل شيئه فعلا الخيار وإن لم يوجد سِوا علة واحدة؛ فلك أن تكتبها علا الياإ هاكذا «شيئه»، ولك أن تكتبها هاكذا «شيإه» .. مع أن الأمر الأخير أرجح لدي، والثاني مرحلي إلا أن يألف الناس الرسم الجديد.

وخامسها: أنني أُجري كلام الله سبحانه علا رسم المصحف .. ولست مع من قال بتخرُّصٍ: إن رسم القرآن توقيفي، بل هو اجتهادي ضروري؛ لأن وقت تدوين المصحف زامن هاذه المرحلة التي انتها إليها الرسم الإملائي، ولأنه يترتب عليها أحكام القراآت؛ إذ من الشروط الثلاثة لصحة القراأة موافقة الرسم الإملائي للمصحف الإمام، ولأن رسم المصحف الإمام خُدم بمألّفات قيمة تبلورت في كتب الداني وابن وثيق وغيرهما رحمهم الله .. أما عند إيراد الآيات مجزأة بالتفسير بعد رسم الآيات أول التفسير وفق رسم المصحف الإمام: فيجب ـ ولا أقول: يجوز فحسب ـ أن يُرسم وفق الرسم الإملائي المعتاد إلا أن تأخذ مسألة التيسير حقها المشروع من استعمال الكُتّاب.

وسادسها: أنني عندما أطبع كتاباً لغيري في مُأسَّستي دار ابن حزم أطبعه حسب الرسم المعتاد مالم يأذن لي بالرسم علا طريقتي.

وسابعها: أنني علا الاستعداد الدائم للإجابة عن أي دعْوا نقص، أو لبس، أو فضول فيما اخترته من رسم ميسر وفق القواعد التي اخترتها والله المستعان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير