تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المذهب، ([21]) وتختلف من مجال إلى مجال ومن علم إلى علم بل من مؤلف إلى آخر. ([22])

على أن البحث في المعاجم ينبغي أن لا يغفل المرحلة التاريخية التي تنتمي إليها، وتطور الكتابة المعجمية ونقل أصحاب المعجم بعضهم عن بعض، وقد يقع الخلط للدارسين في ذلك كما ذكر الأستاذ رمضان عبد التواب في مراجعته تحقيق الدكتور عبد الله درويش معجمَ العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، وقد أشار إلى ما وقع فيه المحقق من خلط حينما ذكر في الهامش عند شرح بعض الغريب:"وأما اللسان فقد نقل ما في المحكم وما في القاموس" وعلق الأستاذ عبد التواب على ذاك بقوله: "سهو لا يجوز ممن ألف في المعاجم العربية، وهو يعلم أن القاموس متأخر عن اللسان في الظهور، فمؤلفه الفيروزابادي ولد عام 729ه في حين توفي ابن منظور صاحب اللسان عام 711ه." ([23])

إن اللغة تتطور وتتبدل وتحدث في عصر معان جديدة لم تكن في العصور السابقة، فإذا روجع المعجم من أجلها لم تحصل الفائدة المرجوة كمثل من يبحث في المعاجم القديمة عن معنى الصعلوك أو الإسلامي ومعانيها في عصرنا غير ما نجده فيها.

وأكثر الأخطاء التي يقع فيها المحققون هي عدم ضبط المعنى الدقيق للكلمة إما عن جهل أو لقلة صبر أو لغفلة وسهو، ومن نماذج ذلك ما ورد في بعض الدراسات من شرح الكلمة بغير معناها الدقيق، مثل:

- اعتبار العضب القطع، مع أن المقصود أداة القطع وهو السيف، وذلك في قوله:

أرخي له يجمح كيما يشاء

عضبُ فتكتي نفور القراب

- شرح الأغرار بان مفردها غرار وهو نقصان لبن الناقة، بينما الصحيح مفرده غر وهو قليل التجرية، وذلك في قوله:

إن أعوز الأغرارَ أعلاقُه

فإنني ملأت منها الوطاب

- شرح كلمة أذرع بالإكثار من الكلام، في قول الشاعر:

تراه يعاين في العلى ثم ينثني

وبين مساعيه وسؤله أذرع

بينما المقصود جمع ذراع وهو وحدة القياس المعروفة .. ([24])

وإذا كانت معرفة اللغة العربية ضرورية لتقويم النصوص المخطوطة وإخراجها في أحسن حال فإنه – في نظري - من اللازم معرفة اللغات الأخرى السائدة في بلاد المسلمين والتي ترد ألفاظها في الكتب العربية بطريقة أو بأخرى كالفارسية والكردية والأمازيغية والتركية والأردية .. وغيرها وأن يوطن المحقق نفسه على الرجوع إلى المعاجم المختصة أو إلى العلماء العارفين بهذه اللغات حتى يأمن الزلل، ومن نماذج الأخطاء في هذا المجال، ما ورد في كتاب مناهل الصفا للفشتالي فقد حققه كل من الأستاذين عبد الله كنون وعبد الكريم كريم، وقد وقف كلا الباحثين عند لفظة "رجل الماء" الواردة في الكتاب، وقد ترك الأستاذ عبد الله كنون اللفظة كما هي في النص وعلق عليها في الهامش بقوله: "لعلها وجل الماء" أما الأستاذ كريم فقد بدل ما في النص ووضع وجل الماء بدلا من رجل الماء، ولو درى الأستاذان أن الكلمة "رجل الماء" هي تعريب لكلمة " أَضَارْ وَّمَانْ" لما أتعبا نفسيهما في التصويبات، وهو اسم مكان في الأطلس الكبير وقعت به بعض الأحداث في العهد السعدي ويمكن أن نضيف إلى ذلك مثالا آخر - وإن كان في مجال الترجمة - وهو ما قام به الأستاذان محمد حجي ومحمد الأخضر في ترجمتهما كتاب إفريقيا لمارمول كربخال عندما وقفا على كلمة ترجماها بـ: هخنيفة، ووضعاها في الهامش بالحروف اللاتينية وهي ( HAKHNIFA ) ولم يعلما لها معنى، والصواب أنها كلمة أمازيغية من أصل عربي تنطق تخنيفت وأخنيف، وأصلها الخنيف وهو رداء أو سلهام من صوف غليظ أسود.

د – الأسلوب:

والأسلوب طريقة الكاتب وبصمته الخاصة في التعبير وعباراته التي يكثر من تردادها، فهو لغته الخاصة وكلامه الشخصي، ومما يساعد على تحقيق النص المخطوط التفقه في أسلوب صاحبه، ولا يتأتى ذلك إلا بكثرة مراجعة مؤلفاته إن وجدت أو المؤلف نفسه إن كان كثير الصفحات، فمن خلال ذلك يستطيع المحقق معرفة أسلوبه وفهم تعبيره، مما يسهل التعامل مع كتابه المخطوط، وإخراجه في أفضل حال، ومن الذين تمرسوا في هذا الأمر نذكر الأستاذ عبد السلام هارون في تعامله مع كتب الجاحظ، فقد صاحب هذا المؤلف الفذ في كتبه حتى عرفه معرفة عميقة، وقد قال هو نفسه: "التمرس بأسلوب المؤلف، وأدنى صوره أن يقرأ المحقق المخطوطة المرة تلو المرة، حتى يخبُر الاتجاه الأسلوبي للمؤلف، ويتعرف خصائصه ولوازمه، فإن لكل مؤلف خصيصة في أسلوبه،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير