تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فلم يكن يناقش الطالب إلا والابتسامة العريضة على وجهه الأسمر بلا فراق، ويبدأ بسرد إيجابيّات البحث، وجهد الطّالب، وشكره، ثمّ يختم مناقشته الرائعة بما يخالفه فيه؛ والتي كان الطلبة يفيدون منها كثيراً بأسلوب: لو فعلت كذا لكان كذا، أرى أنّ هذا أفضل، ما رأيك لو كان الأمر كذا، لو رجعت إلى كتاب كذا لربّما غيّرت رأيك أو زدتنا علماً.

لم يكن يلزم أحداً برأيه أبداً فيما تابعناه جزاه الله خيراً، ولم يتناقض مع نفسه في مناقشاته المتعدّدة.

ومن اللطائف المؤلمة: أنّ طالباً لم يكن يفرّق بين الضّاد والظّاء، (مات سيبويه وفي نفسه شيء من حتى)، وأخونا الطالب هذا في نفسه شيء من هذين الحرفين؛ إذ من كثرة تصويب ساتذته له؛ كتب في بحثه اسم كتاب الأستاذ سيّد قطب – رحمه الله تعالى- حيثما ورد: (في ضلال القرآن)

فسأله الدكتور نوفل: في ضلال أم في ظلال؟ فتعرّق الطالب، وابتسم الشّيخ نوفل، وقال: صوّبها حفظك الله فإنّ للقرآن ظلالاً ولا ضلال فيه.

تُرى لو كان غير الشّيخ نوفل من الذين لا يقيلون العثرات، ولا يتجاوزون عن الزلات ماذا سيكون حال الطالب معهم؟! أوّووووه.

اقتراحات الأستاذ الدّكتور عبد الفتاح خضر

سأل الأستاذ الدكتور خضر، ثمّ أعقبه اقتراحاته فقال:

(فهل أنتم معي في سن تشريع قانوني علمي يحمِّل المشرف تبعة جانب من الإخفاق، خاصة أن الطالب لو وجد توجيها لأحسن وجود، ولو وجد تعليما لتعلم؟؟

ومن هنا أقترح عدة اقتراحات لإصلاح البحث العلمي:

1ـ دورية النقاش أو "أتوماتيكيته" بين الأساتذة بحيث يرشح من عليه الدور دون تدخل اختياري من القسم.

2ـ جعل شريط الفيديو الذي يسجل وقائع المناقشة ورقة من أوراق اعتماد منح الدرجة لدى الإدارات لبيان محاسن أو عوار اللجان العلمية وبالتبعية الطالب.

3ـ سن تشريع لا يحمٍّل الطالب وحده أخطاء أو إهمال المشرف.

4ـ إعفاء سادتنا العلماء الذين وهنت عظامهم وقواهم واشتعل منهم الرأس شيبا فلا يلوون إلا على آهات الشيخوخة لترك المجال لمن يستطيع أن يقف على قدميه لتمحيص العمل العلمي، مع جعلهم في مرتبة استشارية لا تتعبهم من ناحية ولا يضيع معهم البحث العلمي من ناحية ثانية.)

جملة من المقترحات

أقول: نعم نحن معك، واقتراحات مهمّة جدّاً، أضيف إليها الآتي:

1 - أن يكتب المشرف تقريراً وافياً عن سير الطالب في كتابته الرّسالة، وأن لا يكون التّقرير عامّاً بل تفصيليّاً. ويبيّن فيه جهده في توجيه الطالب، وتوقيع الطّالب؛ لأنّ كثيراً من المشرفين لا يقرؤون رسائل طلابهم أبداً، ولا تجد توجيهاتهم من أسف إلا التّنصّل يوم المناقشة من فعل الطالب والزّعم بأنّه وجّهه ولم يأخذ بتوجيهاته. وأنا أتحدّث عن واقع ووقائع.

2 - أن لا يسند الإشراف لمن لا يحسنه تخصّصاً، أو يضاف إليه مشرف ثانٍ متخصّص. فليس كلّ متخصّص في التفسير وعلوم القرآن مثلاً يحسن الإشراف على طالب بحثه في الإعجاز العلميّ أو العدديّ مثلاً.

3 - أن تعطى ملاحظات واستدراكات المناقشين للطالب قبل المناقشة؛ كي يستعدّ لها حتى تكون المناقشة مفيدة له وللمناقشين والحضور.

واقرؤوا للشيخ الجليل أديب العربيّة علي الطنطاوي -رحمه الله تعالى- مقالة مناسبة فائقة الجمال؛ بعنوان:

هذه الامتحانات! نشرت سنة 1961م، من كتاب: فصول اجتماعيّة، علي الطّنطاويّ، جمع وترتيب حفيد المؤلف مجاهد مأمون ديرانيّة، ط2، دار المنارة، جدّة، 2004م، ص111 - 117.

وهذا الكتاب (هو واحد من أمتع وأنفع كتب علي الطنطاوي) كما يذكر في مقدّمتِهِ جامعُهُ بعد موتِهِ جزاه الله خيراً. وقد أسعدني الله أيّما سعادة بقراءة أكثره في جدّة الأسبوع الفائت، فوجدته كما قال. واصطحبته معي إلى الإمارات كأنفس حاجيّاتي.

4 - أن تسنّ عقوبات للمناقش والمشرف إن قصّروا. كأن يحرم المشرف الإشراف لفصل أو سنة.

5 - أن يدخل المشرف والمناقش دورة تدريبيّة على الإشراف والمناقشة ليخرج بعدها محترفاً؛ بعيداً عن التصيّد، والتسوّد، واستعراض العضلات، والطّرق على غلاف الرّسالة بعنف وغضب، وبعيداً عن التكشيرة، والجلد بغير حدّ يستحقّه الطّالب، والاتّهام، وخلافه من مواصفات ومقاييس غير لائقة بالمناقش، ولا الطالب، ولا الحضور، ولا الغياب حتّى.

6 - أن يمنح الطالب حقّ الرّدّ على ملاحظات المناقشين كتابيّا بعد المناقشة الشّفهيّة؛ ليستدرك ما فاته بسبب رهبة المكان والزّمان والشّخوص.

7 - عدم إلزام الطالب بملاحظات أو استدراكات المناقشين إن كانت اجتهاديّة، وإلزامه بها إن كانت قطعيّة.

8 - أن يشارك المشرف الطالب في مناقشة المناقشين؛ لأنّ البحث لم يخرج إلا من تحت يديه. ولقد شهدت فضيلة الأستاذ الدّكتور فضل حسن عبّاس – حفظه الله- مشرفاً يردّ عن الطالب رأيَ أحدِ المناقشين، فألزمه بالسّكوت.

9 - أن يمنح وقت مستقطع لبعض المتخصّصين من الحضور للاستدراك على المناقشين. ولقد شهدت العلامة الشيخ مصطفى الزّرقا – رحمه الله تعالى- يتكلم من بين الحضور ردّاً على أحد المناقشين، فانصاع المناقش لرأيه دون نقاش.

وجزاكم الله خيراً جميعاً، ونفع بكم، وبارككم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير