قصده في هذا الباب أَن يبيّن حكم الألف التي من نفس الكلمة المتطرفة في الخط. لا يخلو أَن تكون ثانية أَو ثالثة أَو أَزيد.
فإِن كانت ثانية كتبتها بالألف على كل حال مثل ما ولا.
وإن كانت ثالثة فلا يخلو أَن تكون منقلبة عن واو أَو عن ياء أَو مجهولة الأصل.
فإِنْ كانت منقلبة عن واو كتبت ألفاً على لفظها مثل عصا، وإن كانت منقلبة عن ياء كتبت ياء مثل رَحَى. وإنْ كانت مجهولة الأصل فلا يخلو أَن تمال: أَو لا تمال. فإِن أَميلت كتبت ياء مثل بَلَى ومَتَى. وسبب أَن كتبت ياء أَنَّ الإِمالة بابها أَن تكون من الألفات فيما هو منقلب عن الياء. فإِن لم تُمَل فلا يخلو أن يكون لها حالة ترجع فيها إلى الياء أَو لا تكون. فإِن كانت لها حالة ترجع فيها إلى الياء كتبت ياء نحو: إلى وعلَى ولدَى،. لأنّك إذا أَضفتها إلى المضمر قلبتها ياء نحو: عليه ولديه وإليهِ. فلذلك كتبت ياء. وإنْ لم تكن لها حالة ترجع فيها إلى الياء كتبت أَلفاً على كل حال مثل أَلا وأَما. فإِن كانت قبل الألف ياء فإِنّكَ تكتبها أَبداً أَلفاً مثل الحيا، هروباً من اجتماع المثلين في الخط كما يهربون من اجتماعهما في اللفظ.
فإِن كانت في أَزيد من ثلاثة أَحرف كتبت أَبداً ياء على كل حال نحو مَلهَى ومُصطَفَى، إِلاَّ أَن يكون ما قبلها ياء فإِنّك تكتبها أَلفاً مثل يحيا واستحيا وأعيا. إِلاَّ يحيى فإِنّهم يكتبونه بالياء شذوذاً.
وزعم بعض النحويين أَن كل ما آخره أَلف قبلها ياء يكتب أَلفاً إِلاَّ اسم العلم، فرقاً بين اللفظ المكتوب به سمى به (وغير مسمى به).
وقد يجوز أَن تكتب كل ما تقدم بالألف وذلك قليل جداً.
وزعم الفارسي أَنَّه لا يكتب كل ما تقدم ذكره إِلاَّ بالألف أَبداً. واحتج بأَن قال: وقد وجدت الهمزة منقلبة عن ياء وعن واو في مثل قائم وبائع وكِساء ورداء، ولا تكتب أَبداً إِلاَّ صورتها ولا يفرق بين ما الهمزة فيه منقلبة عن ياء أَو واو.
وهذا الذي احتج به لا حجة فيه لأن الألف إذا كانت منقلبة عن ياء فقد ترجع إلى الياء في حال من الأحوال نحو رَحَى، يقولون: رحيَان، وكذلك رَمَى يقولون: رمَيْتُ، فلما كانت الألف قد تصير ياء في بعض المواضع جعلوا الخط في سائر المواضع على ذلك، والهمزة لا تعود إلى أصلها في موضع من المواضع.
ومذهب الكوفة مثل مذهب أَهل البصرة إِلاَّ فيما هو على وزن فُعَل أَو فِعَل مثل هُدَى ورِضَى فإِنّهم يكتبونه أَبداً بالياء.
وزعم الكسائي أَنَّه سمع من العرب في حِمَى ورِضَى الوجهان، فيقولون: حِمَيان ورِضَيان وحِمَوان ورِضَوان. فمن ثناهما بالياء كتبهما بالياء ومن ثناهما بالواو كتبهما بالألف.
فإِن كانت بعد هذه الألف تاء مثل قطاة وزكاة فإِنَّك تكتبها أَلفاً على كل حال، وكذلك إن اتصل بها ضمير نحو: رماهُ.
وتعتبر ما الألف فيه منقلبة عن ياء أَو واو في الأسماء بالتثنية وبأَن تبني من الاسم فِعلاً على فَعَلَ وتردّه إلى نفسك فيكون بالياء وبأَن تكون العين منه ياء أَو واواً فتعلم أَبداً أَنَّ الألف منقلبة عن ياء.
ومن الفعل فيما كان منه على وزن فَعَلَ بمضارعه، ويرّد الفعل إلى نفسك.
وبمجيء المصدر على فَعْلَ أَو فَعْلَة. وما كان على غير وزن فَعْلَة فتعتبره بمجيء المصدر على فِعلَة أَو فُعلَة.
والاسم الذي في آخره ياء قبلها كسرة لا يخلو أَن يكون معرباً أَو مبنياً.
فإن كان معرباً فلا يخلو أَن يكون منصرفاً أَو غير منصرف، فإِن كان منصرفاً فلا يخلو أَن يكون فيه الألف واللام أَو إضافة أَو ليس كذلك.
فإِن كان ليس بمضاف ولا فيه الألف واللام فلا يخلو أَن يكون مرفوعاً أَو منصوباً أَو مخفوضاً. فإِن كان مرفوعاً أَو مخفوضاً كتبته بغير ياء مثل قاض وغاز وداعٍ، ويجوز أَن تكتبه بياء قليلاً جداً.
وسبب ذلك أَن الخط محمول على الوقف، والوقف في مثل هذا يكون بغير ياء في الفصيح وبالياء قليلاً، فلذلك كان الخط بغير ياء أَحسن منه بالياء. فإِن كان منصوباً فتكتبه بالياء وتبدل من التنوين أَلفاً حملاً على الوقف.
فإِن كان مضافاً فلا تجوز كتابته إِلاَّ بالياء على كل حال.
فإِن كان فيه الألف واللام فلا يخلو أَن يكون مرفوعاً أَو منصوباً أَو مخفوضاً.
فإِن كان مرفوعاً أَو مخفوضاً كتبته بالياء على لغة من يقف بالياء وبغير الياء على لغة من يقف بغير ياء فتقول: هذا القاضي، ويعامل الألف واللام معاملة التنوين. ويجوز أَن تكتبه بغير ياء. فإِن كان منصوباً كتبته بالياء.
فإِن كان غير منصرف فلا يخلو أَن يكون مرفوعاً أَو منصوباً أَو مخفوضاً. فإِن كان مرفوعاً أَو مخفوضاً كتبته بغير ياء مثل جوارٍ وغَواشٍ، وإن كان منصوباً كتبته بالياء. فإِن كان مبنياً فلا يخلو أَن يكون مبنياً في باب النداء أَو في غير باب النداء.
فإِن كان مبنيّاً في باب النداء ففي الوقف عليه خلاف، فمنهم من يقف عليه بالياء ومنهم من يقف عليه بغير ياء. فمن مذهبه أَن يقف عليه بالياء يكتبه بالياء ومن مذهبه أَن يقف عليه بغير ياء يكتبه بغير ياء.
وإن كان مبنيّاً في غير النداء فإِنَّك تكتبه بالياء أَبداً على كلّ حال.]
¥