تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذلك متناول لهم إلى حين الموت، هذا إن كانوا متمسكين باليهودية والنصرانية المبدلة المنسوخة، وأما إن كانوا من منافقي أهل ملتهم كما هو الغالب على متكلميهم ومتفلسفتهم كانوا شرا من منافقي هذه الأمة، حيث كانوا مظهرين للكفر ومبطنين للنفاق فهم شر ممن يظهر إيمانا ويبطن نفاقا. والمقصود أن المتمسكين بجملة منسوخة فيها تبديل خير من هؤلاء الذين يزعمون سقوط الأمر والنهي عنهم بالكلية، فإن هؤلاء خارجون في هذه الحال من جميع الكتب والشرائع والملل، لا يلتزمون لله أمرا ولا نهيا بحال، بل هؤلاء شر من المشركين المتمسكين ببقايا من الملل كمشركي العرب الذين كانوا متمسكين ببقايا من دين إبراهيم، عليه السلام، فإن أولئك معهم نوع من الحق يلتزمونه. وإن كانوا مع ذلك مشركين، وهؤلاء خارجون عن التزام شيء من الحق بحيث يظنون أنهم قد صاروا سدى لا أمر عليهم ولا نهي ـ إلى أن قال: ومن هؤلاء من يحتج بقوله: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} .. (الحجر)، الأية: ' 99 '. ويقول معناها: اعبد ربك حتى يحصل لك العلم والمعرفة، فإذا حصل ذلك سقطت العبادة، وربما قال بعضهم: اعمل حتى يحصل لك حال، فإذا حصل لك حال تصوفي سقطت عنك العبادة، وهؤلاء فيهم من إذا ظن حصول مطلوبة من المعرفة والحال استحل ترك الفرائض وارتكاب المحارم. وهذا كفر كما تقدم إلى أن قال: فأما استدلالهم بقوله ـ تعالى ـ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} .. (الحجر)، الأية: ' 99 ' فهي عليهم لا لهم قال الحسن البصري: (* (إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلا دون الموت) *): واقرأ قوله: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} .. (الحجر)، الأية: ' 99 ' وذلك أن اليقين هنا الموت وما بعده باتفاق علماء المسلمين، وذلك قوله: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} إلى قوله تعالى {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ. حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} .. (المدثر)، الأيات: ' 42، 47 '. فهذا قالوه في جهنم، وأخبروا أنهم كانوا على ما هم عليه من ترك الصلاة والزكاة والتكذيب بالآخرة، والخوض مع الخائضين، حتى أتاهم اليقين. ومعلوم أنهم مع هذا الحال لم يكونوا مؤمنين بذلك في الدنيا، ولم يكونوا مع الذين قال الله فيهم: {وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} .. (البقرة)، الأية: ' 4 '. وإنما أراد بذلك أنه أتاهم ما يوعدون وهو اليقين ... انتهى (11) .. فالآية تدل على وجوب العبادة على العبد منذ بلوغه سن التكليف عاقلا: إلى أن يموت. وأنه ليس هناك حال قبل الموت ينتهي عندها التكليف كما تزعمه الصوفية.

الخاتمة

وبعد: فهذا هو دين الصوفية قديما وحديثا، وهذا موقفهم من العبادة، ولم ننقل عنهم إلا القليل مما تضمنته كتبهم، وكتب منتقديهم وما تدل عليه ممارساتهم المعاصرة، ولم أتناول إلا جانبا واحدا من جوانب البحث حولهم هو جانب العبادة وموقفهم منها، وبقيت جوانب أخرى تحتاج إلى محاضرات، ومحاضرات كموقفهم من التوحيد، وموقفهم من الرسالات، وموقفهم من الشريعة والقدر، إلى غير ذلك.

هذا وأسأل الله ـ عز وجل ـ أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، واله وصحبه.

والسلام عليكم ورحمة اتلله تعالى وبركاته

عبد الرحيم من المغرب

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[06 - 03 - 2006, 01:00 م]ـ

حقيقة التصوف

وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين

فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير