[وقفات على طريق البحث العلمي.]
ـ[د. علي السعود]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 02:03 م]ـ
أخي الباحث، أختي الباحثة:
أضع بين يديك جملة من الرؤى التي أراها تعيق الباحث في مجال الدرس والبحث، آمل أن تكون ذا قيمة، وأن تضفي شيئا جديدا، أو ترسخ أمرا ما.
- 1 -
آفة البحث " التردد "
التردد له سلبياته الكثيرة في بحث الباحث، أو رأيه، أو موضوع بحثه، ففي الأول لاتجد لدرسه بريقا، وفي الثاني لا ترى لرؤاه نضوجا، وفي الثالث لا تبصر له إقداما.
فتراه وهو يبحث يتوجس خيقة إما من مشرفه، هل ينال رضاه؟ وإما من مناقش ستوكل إليه رسالته بعد انتهائه، ويضع الحواجز لفكره وتفكيره، ولهذا يخسر كثيرا من الأفكار والشوراد الجميلة التي تخطر له في بحثه، فالإبداع لا يأتي جملة واحدة، بل هو شرارة يقذفها العقل، وتبقى الأرض الحاملة لها، فإن كانت الأرض مترددة، كان طعاما للرياح السائرة، فتطير من بين يديه، وإن كانت الأرض خصبة أسقتها، ونشأت وترعرعت، واستوت على سوقها.
وقد قال سقراط في العلم: إذا أثبتته الأقلام لم تطمع في دروسه الأيام.
وأقول: إن السنارة لا تلتقط في كل رمية سمكة، فكذا الفكرة لا تمر في كل حين.
ـ[د. علي السعود]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 02:17 م]ـ
- 2 -
قرين التردد " العجلة "
أجد بين التردد والعجلة جامعا، وهو " عدم الاتزان في كلٍ "، فكما أن التردد آفة، فالعجلة من أخواتها، وقد قال الشعبي: أصاب متأمل أو كاد، وأخطأ مستعجل أو كاد، وقد قيل:
لا تعجلنّ فربّما عجل الفتى فيما يضره
والعجلة في البحث العلمي تؤدي إلى خطأ في النتائج، وسوء في التقدير، فالباحث قد يتبين له في مسألة ما طرف ما، يرى أنه فكرة لم يتوصل إليها أحد قبله، فيمسك بهذا الخيط ليهدم أفكارا أخرى، وما أسوأ النظر من زاوية واحدة للأمور، دون قراءة شاملة فاحصة للمسألة، وقد اطلعت على رسائل أجد فيها أن الباحث قد أمسك بخيط واحد، وقد غمره الفرح والسرور، وتناسى خيوطا أكثر في المسألة نفسها، ونتج عنه خطأ في الحكم، وضعف في التحليل، دون أن يكلف نفسه القراءة الفاحصة للمسألة من جميع جوانبها، والرفق في الفهم يزين الأشياء، وتخطئة الآخرين ليس رفعة للإنسان ودليل على علو شأنه في العلم والفهم، بل التعقل هو نور البحث والتحليل، وعرض الفكرة بصورة هادئة مطمئنة، يمنحها البقاء والقبول.
إن العجلة في البحث تجري على أمور متعددة، تكون في الفهم تارة، وفي النظر السريع تارة، وفي حب الانتهاء من البحث تارة، وفي حب ظهور الشخصية في البحث تارة ... إلخ.
كل هذا يضعف من البحث وباحثه، فالرؤى والأفكار التي تقدم على بساط من الهدوء والتعقل، تكون أمضى في عقول القراء، وأكثر تأثيرا، من اندفاع غير منضبط.
ـ[قصي علي الدليمي]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 02:43 م]ـ
بوركت مقالك جمع فأوعى
اخوك
قصي علي عبد الله محمد الدليمي
ـ[أنا البحر]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 02:54 م]ـ
بارك الله فيكم.
ـ[د. علي السعود]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 08:57 م]ـ
أخي قصي
بورك فيك، وجعلك مباركا أينما كنت
ـ[د. علي السعود]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 08:58 م]ـ
أختي " أنا البحر "
شكر الله لك، ووفقك، وسدد خطاك.
ـ[د. علي السعود]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 09:10 م]ـ
- 3 -
ضعف التصور
وأعني به عدم التفكير المسبق في طرق تناول المسألة، وكيفية درسها، وأنماط تحليليها، ووضع تصورات سابقة للمبحث أو القضية التي يراد بحثها.
فالتصور الأولي للمسائل يمنحها الإبداع، والإجادة، ويجعل الباحث يسير بأمان في بحثه، وأذكر في هذا المقام أنّ زميلا احتار في مبحث له في رسالته، حيث لم يجد مايكتبه فيه عدا صفحتين، فقمت بزيارته في بيته، وأعطاني عنوان المبحث، فوضعت له تصورا ما، دون أن أعرف مفردات بحثه، وماجمعه من مادة علمية فيه، بعدها أخبرني أنه كتب فيه في ضوء هذا التصور ثلاثين صفحة، واستجدت لديه أشياء وأشياء.
وفي اطلاعي على جملة كبيرة من الرسائل أجد أن الباحث في بعض المباحث أو المسائل يفقدها التنظيم، والعقد الذي يجمع حباتها المتناثرة، وسببه - برأيي - هو عنايته برصد المادة العلمية دون أن يصنع لها أطرا تجمعها، ولهذا تجد المعلومات متناثرة، فيذهب جهده الذي بذله في هذا السبيل.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 10:16 م]ـ
جزيت خيرا ..
طرح جميل نحتاجه.
ـ[د. علي السعود]ــــــــ[22 - 09 - 2006, 02:58 م]ـ
أختي وضحاء
لك من الشكر أجزله
ومن الدعاء أصدقه
وفقك ربي
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[22 - 09 - 2006, 03:28 م]ـ
- -
أذكر في هذا المقام أنّ زميلا احتار في مبحث له في رسالته، حيث لم يجد مايكتبه فيه عدا صفحتين، فقمت بزيارته في بيته، وأعطاني عنوان المبحث، فوضعت له تصورا ما، دون أن أعرف مفردات بحثه، وماجمعه من مادة علمية فيه، بعدها أخبرني أنه كتب فيه في ضوء هذا التصور ثلاثين صفحة، واستجدت لديه أشياء وأشياء.
بارك الله فيك ووفقك ما أحسن ما تذكر لا سيما هذا
¥