تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- يا من تعدى حدود الله وانتهك حرماته، لا تنس أن الغيبة - والعياذ بالله - من القبائح الاجتماعية التي لا يليق بمن آمن بالله ربًا وبالإسلام دينا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً أن يتصف بها، أو أن يُقدِم عليها لأن الله سبحانه وتعالى حرَّمها، وشدّد في النهي عنها لما فيها من إفسادٍ للمودة، وقطعٍ لجسور المحبة، ولما يترتب عليها من شلٍ لأواصر الأخوة، ولأنها تبذر بذور العداوة بين أفراد المجتمع، فتنتشر بينهم الأحقاد والضغائن، ومن ثم يقع الخلاف والفرقة التي لا شك أنها من المصائب العظام التي تُبتلى بها المجتمعات في كل زمانٍ وأي مكان.

- يا من يضحك بملء فيه وهو لا يدري هل الله راضٍ عنه أم ساخطٌ عليه، إياك ومجالس الغيبة ومن فيها من رفاق السوء الذين لا يتوانون عن أكل لحوم الآخرين، والخوض في أعراضهم، والاستهزاء بهم في الخَلق، أو الخُلق، أو الشكل، أو النسب، أو القول أو العمل لأنك متى جالستهم غَلَبتْ عليك شقوتهم؛ فإما أن تشاركهم في الباطل وتخوض معهم فيه، وإما أن تجاملهم ببعض الكلام، أو الضحك، أو التبسم، أو الاستماع، وبذلك تكون موافقًا لهم وشريكًا معهم - والعياذ بالله -.

- يا من دفعه حقده ودعته كراهيته لاغتياب المسلمين والنيل منهم، تذكَّر أن من أهم الدوافع للغيبة الحسد، فاحذر منه لأنه داءٌ عظيمٌ، وخطرٌ جسيمٌ يأكل قلب المغتاب، ويُشغل باله فيريد أن يحط من قدر أخيه عند الناس بغيبته، وانتقاص شخصيته، وتشويه صورته، وتلويث سمعته عند الآخرين كذبًا وزورًا وبهتانًا – نسأل الله السلامة.

وتذكّر أن أي محاولةٍ للحط من قدر المسلم أو التقليل من شأنه تدخل ضمن ما حرَّم الله تعالى لما صح ّعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل المُسلم على المسلم حرامٌ: ماله، وعرضه، ودمه، حسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) (رواه أبو داود، الحديث رقم 4882، ص 732).

- يا من نسيت أن الذنب لا ينسى، وأن الديَّان سبحانه وتعالى لا يموت، تذكّر أنك بغيبتك للآخرين صاحبُ تجارةٍ خاسرةٍ، وبضاعة فاسدة؛ لأنك تخسرُ حسناتك، وتعطيها رغمًا عنك إلى من اغتبت من عباد الله، فإن لم تكن لك حسنات أَُخذتَ عنه سيئاته حتى تفيه حقه - والعياذ بالله - كما صحَّ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت عنده مظلمةٌ لأخيه فليتحلَّله منها، فإنه ليست ثَمَّ دينارٌ ولا درهمٌ من قبلِ أن يؤخذَ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسناتٌ أُخذ من سيئاتِ أخيه فطُرحت عليه) (رواه البخاري، الحديث رقم 6534، ص 1132).

يا من ينشر الفساد في الأرض،ويشجع على ارتكاب المعاصي والمنكرات، اعلم أنك ممن يُخِلون بأمن المجتمع المسلم،ويقوضون أركانه،أما كيف يكون ذلك، فإن تعاليم الإسلام تقضي بأن يأمن المسلم على عرضه سواءً أكان ذلك في حضوره أو في غيبته،وهذا ما لا يتحقق عندما تغتابه وتذكره بما يكره أن يذكر به؛ لأنك حينئذ تكون قد استطلت في عرضه وآذيته، والإسلام لا يحب الأذى، ولا يرتضيه أيًا كان نوعه لما ثبت عن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن من أربى الرِّبا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق " (رواه أبو داود، الحديث رقم 4876، ص 731).

- وختامًا: إياك والتمادي في العصيان، وبادر بالتوبة الصادقة إلى الله تعالى والندم على ما فات، واحرص على الإقلاع عن هذا الذنب العظيم والسلوك الخاطئ الذي يضُر ولا ينفع، حتى قال بعض أهل العلم في شأنه: " إن من لم يتب من الغيبة كان ظالما لإخوانه الذين اغتابهم بالعدوان عليهم، وظالما لنفسه بتعريضها لعقاب الله سبحانه ". فلا تكن من الظالمين لأنفسهم ولإخوانهم ولمُجتمعهم. وإذا كان لا بد من إشغال لسانك فليكن ذلك في ما أحل الله تعالى من الطاعات والمُباحات، وجنّبهُ الغيبة والنميمة و هتك أعراض المسلمين.

واعلم أن خير ما تشغل به لسانك ذكر الله سبحانه لقول معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم لمن طلب منه أن يدله على ما يتشبثُ به من شرائع الدين: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله). (رواه الترمذي، الحديث رقم 3375، ص 766).

والله نسأل أن يوفقنا جميعاً لصالح القول، وطيب الحديث، وجميل اللفظ، وأن يُجنِّبنا الخوض في الأعراض، والغيبة والنميمة، والحسد والبغضاء والسُخرية، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ـ[أبو طارق]ــــــــ[10 - 11 - 2006, 09:51 م]ـ

بوركتِ

ـ[أبوعمار الأزهري]ــــــــ[11 - 11 - 2006, 12:15 ص]ـ

جـ الله ـــــــــــــــــزاكم عنا كلَّ خير

أسأل الله العلي الكبير أن يطهرألسنتنا مما يغضبه .... آمين

بورك صنيعكما أختينا الكريمتين

وبورك مرور الإخو الأفاضل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير