[والله شيء يحزن]
ـ[زمردة]ــــــــ[17 - 11 - 2002, 06:49 ص]ـ
http://www.alsakher.com/images2/70744697.jpg
" إنهاك مطبخي .. "
عادت الأم منهكةً من العمل، و تلقتها أيدي العمل المطبخي .. بدأ رب الأسرة في سلسلة غير منتهية من
الطلبات.
" يا أم عبدالله .. نبي اليوم مرقوقة، و لقيمات، و شوربة دجاج , .. و .. , .. إلى آخر القائمة الفندقية."
و تلاه الأبناء ..
كل طلب وجبته المفضلة، و الأم بين قعقعة القدور و جلبة الأواني، و مع مدفع الإفطار، تعبر قدماها عتبة باب المطبخ لتلقي بتأوهات تعبها على سجادة الصلاة، في أول استراحة لها بعد يوم شاق، و في المقابل طعام فائض عن الحاجة يلقى في القمامة، و ربما شكوى من قلة الملح في الحساء.
******************.
"صلاة "
أنهت وجبة الفطور، ارتفعت أصوات المؤذنين لصلاة العشاء و التراويح، أسرعت إلى غرفتها، ارتدت عباءتها الضيقة، و أرخت " الشيلة " على رأسها، تتطاير من منافذها شعرات ملونة " بأصباغ " " غريبة "، اغتسلت بزجاجة العطر، و خرجت تتمايس في مشيتها إلى المسجد، و عبق عطرها يجذب الأنظار إليها.
حينها .. تساءلت - ببراءة - طفلة صغيرة رأتها: " ماما فيه عرس في المسجد؟ " K
******************.
" مأدبات .. "
" ريم .. نورة .. حنان ..
يالله .. السايق برة ينتظر .. تأخرنا على العزيمة .. "
أنهت الأم زينتها، و نادت بناتها اللاتي تأهبن للخروج، تلبية لدعوة من إحدى القريبات لتناول السحور، و كانت الرحلة بقيادة ذاك السائق الأجنبي، ثم انتهت في وقت متأخّر من الليل، بينها و بين الأذان الأول دقائق معدودات، عادت الأم و الفتيات لوحدهن برفقة ذاك الأجنبي، أضعن يومهن في الزينة و الحديث و الطعام، تناسين أنه شهر العبادة و الصلاة.
*************.
" خادمة .. "
خادمة مسلمة ابيضت شفتاها من شدة التعب و الإنهاك، تسعي في تنظيف البيت و إعداد وجبة الإفطار، أخطأت في أحدى المرات، سقط طبق الطعام من بين يديها، و أصابتها الإغماءة، فتهاوى جسدها الضعيف إلى الأرض، حاولت الوقوف على قدميها، تفاجأت بركلة سيدتها تعيدها مسقطة على الأرض تارة أخرى، و أتبعته بسيل من الشتائم.
ترفع رأسها إلى السماء و تنطق بها " أستغفر الله .. اللهم تقبل مني "
و كثير من نسق تلك المشاهد.
*************.
"رمضان متهم .. "
في إحدى الوزارات المكتظة بالموظفين و العملاء، تواترت إلى أسماع الحضور، كلمات نابية و شتائم مزرية، تراشق بين أحد العملاء و بين أحد الموظفين بالسّئ من الألفاظ، تلاها اشتباك بالأيادي، إلى أن انفض العراك على تمتمة كل منها: " اللهم إني صائم ".
و المتهم الأول في هذه القضية هو الصيام.
*****************.
" معاكسات .. و مواعيد "
أصرت على والدها أن يذهب بها إلى المسجد لصلاة التراويح، تجهزت، و أخذت هاتفها الجوال، ما إن وصلت و فارقت والدها إلى قسم النساء حتى ضربت بأزرار الهاتف ...
" ألو .. هلا .. أنا جيت مع أبوي .. و بخرج الحين من المصلى أقابلك في سوق " ... " الي جنب المسجد ..
و عادت بعد انتهاء الصلاة إلى حيث تركها أبوها، و كأنها لم تضرب موعدا لمقابلة الصديق، و كأنها ما جنت شيئا.
**************.
" قرقيعان "
في الخامس عشر من شهر رمضان الكريم.
وصلت مجموعة من أكياس صنعت من القماش الغالي، إلى بيت بو خالد، تضم بين أجنابها المخملية قطعا من الشوكولاتة الملكية الدسمة، يطل منها مظهر الترف الباذخ، و عليها بطاقة مذهبة " عساكم من العايدين ".
تساءل رب الأسرة ما مناسبة هذه الحلوى، ردت عليه أم خالد: " إيييييه .. تذكرت، اليوم القرقيعان يا بوخالد .. يا حسرة علي و على عيالي، من وين لنا نسوي زي هذا .. إيييه خلها على الله " و قلبت يديها، وسط نظرات زوجها المستغربة، فأشاح عنها بوجهه، "عادات انقلبت إلى إسراف ".
***************.
"العيد .. "
المدينة , و الأسرة منهمكة في البحث عن أجود الثياب و أرقاها، إلى ساعات الفجر البيضاء، و تتردد الأصوات المتداخلة في جو مزحم مشحون بالأشواق إلى يوم العيد ..
" يمة .. أبي يكون فستاني أحلى فستان في العيد،
و ترد الأم .. و الله تعبت معكم لا خليتونا نصلي القيام و لا ريحتوني بعد الفطور "
و هذا حالهن طوال العشر الأواخر إلى أن يأتي العيد و تبدأ الهدنة مع النفس، و قد رحلت العشر الأواخر، و لم يشعرن بمرورها.
هذه مشاهد رمضانية، التقاطات الكاميرا اليومية، نراها أمامنا، من أناس نعرفهم، و قد لا نعرفهم ..
و قد تصدر منا نحن ..
تتكرر في كل عام، و تنتهي أحيانا بانتهاء هذا الشهر، ننتقدها في بواطننا، و نجهر بانتقادها أحيانا ..
و لكننا نتساءل ..
ترى هل تناسب هذه السلوكيات مكانة هذا الشهر؟
هل هذا ما ينبغي لنا القيام به في هذه المناسبة؟
ماذا أعددنا لاستقبال شهرنا الفضيل غير الطعام و الشراب؟
هل خرجنا منه و نحن مغفور لنا، هل ارتفعت منزلتنا، هل زادت حسناتنا.؟
- من الإيميل -
¥