إن كثير من المسلمين في هذا الزمان لم يفهموا حقيقة الصيام، وظنوا أن المقصود منه هو الإمساك عن الطعام والشراب والنكاح فقط! أمسكوا عما أحل الله لهم، لكنهم أفطروا على ما حرم الله عليهم! فأي معنى لصيام هذا الذي يقول عند أذان المغرب: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله)، ثم يشعل سيجارته!
وأي تقوى لهذا الذي يجمع الحسنات في النهار؛ من صيام وصلاة وصدقة وقراءة للقرآن .. ، ثم في الليل يصير عبداً لشهوته ويعكف على القنوات الفضائية، أو الشبكات العنكبوتية، أو زبوناً في الملاهي الليلية، والتجمعات الغوغائية، والخيام –المسماة زوراً- بالرمضانية؟! وإذا دعي إلى صلاة التراويح والقيام تعلل بالحمى والأسقام، والبرد والزكام، وغواية اللئام!
ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش! ورب قائم حظه من قيامه السهر!
يروى أن الحسن بن صالح – وهو من الزهاد الورعين –كانت له جارية – فاشتراها منه بعضهم، فلما انتصف الليل عند سيدها الجديد قامت تصيح في الدار: يا قوم الصلاة .. الصلاة، فقاموا فزعين، وسألوها: هل طلع الفجر؟!
فقالت: وأنتم لا تصلون إلا المكتوبة؟! فلما أصبحت رجعت إلى الحسن بن صالح؛ وقالت له: لقد بعتني إلى قوم سوء لا يصلون إلا الفريضة، ولا يصومون إلا الفريضة فردَّني فردَّها!
وقلت: قلبي يعتصرني خجلاً، ويتوارى قلمي حياءً وأنا أخط هذا الكلام؛ لأن من المسلمين اليوم من ضيع الفروض في رمضان بله التراويح والقيام!
فيا مضيع الزمان فيما ينقص الإيمان .. يا معرضاً عن الأرباح متعرضاً للخسران .. أما لك من توبة؟! أما لك من أوبة؟! أما لك من حوبة؟! (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق) فقلوب المتقين إلى هذا الشهر تحن، ومن ألم فراقه تئن .. فإلى متى الغفلة؟!
فيا عباد الشهوات والشبهات
يا عباد الملاهي والمنتديات
يا عباد الشاشات والفضائيات
ما لكم لا ترجون لله وقاراً؟!
ولا تعرفون لشهر رمضان حلالاً أو حراماً؟!
فيا من أدركت رمضان .. وأنت ضارب عنه صفحاً بالنسيان .. هل ضمنت لنفسك الفوز والغفران؟! أتراك اليوم تفيق من هذا الهوان؟!
قبل أن يرحل شهر القرآن والعتق من النيران؟! لعله يكون –بالنسبة إليك- آخر رمضان!
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب ... حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما ... فلا تصيره أيضاً شهر عصيان
فيا باغي الخير أقبل أقبل .. ويا باغي الشر أقصر .. أقصر!
واحر قلباه! من لم يخرج من رمضان إلا بالجوع والعطش .. رغم أنفه في الطين والتراب من كان رصيده في رمضان من (الأفلام) و (المسلسلات)، وبرامج المسابقات!
فيا من أسرف على نفسه وأتبعها الهوى، وجانب الجادة في أيامه وغوى .. هاك رمضان قد أقبل فجدد فيه إيمانك، وامح به عصيانك ..
فهو – والله – نعمة كبيرة، ومنة كريمة، وفرصة وغنيمة ..
فإن أبيت إلا العصيان .. وملازمة المعاصي في رمضان .. فتوضأ وكبر أربع تكبيرات، وصل على نفسك صلاة الجنازة .. ، فإنك حينئذ ميت!
اللهم بلغنا رمضان أعواماً عديدة، وأزمنة مديدة، واجعلنا فيه من عتقائك من النار.
المصدر: موقع صيد الفوائد
ـ[الأحمر]ــــــــ[07 - 11 - 2002, 12:58 ص]ـ
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
أشكرك أخي عاشق الفصحى على هذا النقل المميز
لقد أسمعت لو ناديت حياً
### ولكن لا حياة لمن تنادي