القسم الثالث: أن تكون الإضافة على ضمير المتكلم فقد يقول قائل بالجواز لقوله تعالى حكاية عن يوسف:) إنه ربي أحسن مثواي ((4) أي سيدي، وإن المحظور هو الذي يقتضي الإذلال وهذا منتف لأن هذا من العبد لسيده.
القسم الرابع: أن يضاف إلى الاسم الظاهر فيقال: هذا رب الغلام فظاهر الحديث الجواز وهو كذلك ما لم يوجد محظور فيمنع كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالف لمملوكه.
55 - سئل فضيلة الشيخ: عن قول ما يقول إن الإنسان يتكون من عنصرين عنصر من التراب وهو الجسد، وعنصر من الله وهو الروح؟.
فأجاب بقوله: هذا الكلام يحتمل معنيين:
أحدهما: أن الروح جزء من الله.
والثاني: أن الروح من الله خلقاً.
وأظهرهما أن أراد أن الروح جزء من الله لأنه لو أراد أن الروح من الله خلقا لم يكن بينها وبين الجسد فرق إذ الكل من الله – تعالى -:) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ((1) وأضاف روح عيسى إليه فقال:) ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا ((2) وأضاف بعض مخلوقات أخرى إليه كقوله:) وطهر بيتي للطائفين والقائمين ((1). وقوله:) وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ((2). وقوله عن رسوله صالح:) فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها ((3) ولكن المضاف إلى الله نوعان:
أحدهما: ما يكون منفصلاً بائنا عنه، قائما بنفسه أو قائما بغيره، فإضافته إلى الله تعالى إضافة خلق وتكون، ولا يكون ذلك إلا فيما يقصد به تشريف المضاف أو بيان عظمه الله – تعالى -، لعظم المضاف، فهذا النوع لا يمكن أن يكون من ذات الله – تعالى -، فلأن ذات الله تعالى واحدة لا يمكن تتجزأ أو تتفرق، وأما كونه لا يمكن أن يكون من صفات الله فلأن الصفة معنى في الموصوف لا يمكن أن تنفصل عنه، كالحياة، والعلم، والقدرة، والقوة، والسمع، والبصر، وغيرها. فإن هذه الصفات لا تباين موصو فها، ومن هذا النوع إضافة ا لله – تعالى – روح آدم وعيسى إليه، وإضافة البيت وما في السموات والأرض إليه، وإضافة الناقة إليه، فروح آدم، وعيسى قائمة بهما، وليست من ذات الله – تعالى -، ولا من صفاته قطعاً، والبيت وما في السموات والأرض، والناقة أعيان قائمة بنفسها، وليس من ذات الله ولا من صفاته، وإذا كان لا يمكن لاحد أن يقول: إن بيت الله، وناقة الله من ذاته ولا من صفاته، ولا فرق بينهما إذ الكل بائن منفصل عن الله – عزل وجل – وكما أن البيت والناقة من الأجسام فكذلك الروح جسم تحل بدن الحي بإذن الله، يتوفاها الله حين موتها، ويمسك التي قضي عليها الموت، ويتبعها بصر الميت حين تقبض، لكنها جسم من جنس آخر.
النوع الثاني من المضاف إلى الله: ملا يكون منفصلا عن الله بل هو من صفاته الذاتية أو الفعلية، كوجهه، ويده، سمعه، وبصره، واستوائه على عرشه، ونزوله إلى السماء الدنيا، ونحو ذلك، فإضافته إلى الله – تعالى – من باب إضافة الصفة إلى موصفها، وليس من باب إضافة المخلوق والمملوك إلى مالكه وخالقه.
وقول المتكلم (إن الروح من الله) يحتمل معنى آخر غير ما قلنا: إنه الأظهر، وهو أن البدن مادته معلومة، وهي التراب، أما الروح فمادتها غير معلومة، وهذا المعنى صحيح. كما قال الله – تعالى -) ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ((1). – وهذه والله أعلم – من الحكمة في إضافتها إ ليه إنها أمر لا يمكن أن يصل إليه علم البشر بل هي مما استأثر الله بعلمه كسائر العلوم العظيمة الكثيرة التي لم نؤت منها إلا القليل، ولا نحيط بشيء من هذا القليل إلا بما شاء الله – تبارك وتعالى -.
فنسأل الله – تعالى -، أن يفتح علينا من رحمته وعلمه ما به صلاحنا، وفلاحنا في الدنيا والآخرة.
56 - سئل فضيلة الشيخ: عن المراد بالروح والنفس؟ والفرق بينهما؟.
فأجاب قائلا: الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حسا أو معنى، فالقران يسمى روحا قال الله – تعالى -:) وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ((1) لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان، والروح التي يحيى بها البدن تسمى روحا قال الله – تعالى -:) ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ((2)
¥