البخاري و النسائي. و هذا مما يدل على أن هذه الزيادة الشاذة غير محفوظة. و أما رواية عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل – رضي الله عنه -. فلم يختلف فيها، و الأخذ بها أولى من الأخذ بما اختلف فيه لا سيما و قد اعتضدت رواية عاصم برواية همام التي أخرجها مسلم في صحيحه، و برواية قيس بن سليم التي رواها البخاري و النسائي و بالأحاديث الكثيرة الصحيحة مما تقدم ذكره، و ما سيأتي قريباً، و ما لم يذكر ههنا، و الله أعلم.
و قد اعتمد الشيخ الألباني في إثبات رفع اليدين في السجود و الرفع منه على ما ذكرنا من الروايات الشاذة عن مالك بن الحويرث، و وائل بن حجر – رضي الله عنهما -، و لا ينبغي الاعتماد على مثلها لشذوذها و مخالفتها لما هو أصح منها، و هو ما تقدم في حديث ابن عمر، و علي – رضي الله عنهم -، و الله أعلم.
التنبيه السابع
قال المؤلف في حاشية صفحة 100 ما نصه (و عمل به إمام السنة أحمد بن حنبل) ا. هـ.
يعني بذلك رفع اليدين عند السجود، و أقول إن أراد الشيخ الألباني إن أحمد – رحمه الله تعالى – كان مداوماً على هذا، و أنه كان مذهبه كما هو ظاهر عبارته في حاشية صفحة 112 فهذا غير صحيح عن أحمد – رحمه الله تعالى -.
و إن أراد أنه قال به أو فعله في بعض الأحيان و لم يداوم عليه فهذا قد نقل عن أحمد – رحمه الله تعالى – و الصحيح عنه خلافه، و في المسألة ثلاثة روايات إحداها أن الرفع خاص بثلاثة مواضع الأول عند افتتاح الصلاة، و الثاني عند الركوع، و الثالث عند الرفع منه. و قد نقل هذا من فعل أحمد – رحمه الله تعالى – و قوله.
قال أبو داود – رحمه الله تعالى – رأيت أحمد يرفع يديه عند الركوع و عند الرفع من الركوع كرفعه عند افتتاح الصلاه يحاذيان اذنيه و ربما قصر عن رفع الافتتاح. و قال حنبل: سمعت أبا عبد الله و سأله رجل عن رفع اليدين في الصلاة؟ فقال: يروي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم من غير وجه، و عن أصحابه أنهم فعلوه إذا افتتح الصلاة، و إذا أراد أن يركع، و إذا رفع رأسه من الركوع. قلت له: فبين السجدتين؟ قال: لا. قلت: فإذا أراد أن ينحط ساجداً؟ قال: لا. فقال له عباس العنبري: يا أبا عبد الله، أليس يروى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه فعله؟ قال: هذه الأحاديث أقوى و أكثر.
و هذه الرواية هي أشهر الروايات عن الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – و عليها جماهير الحنابلة قديماً و حديثاً، و هي المذهب عند المتأخرين منهم و حكاها الترمذي في جامعه عن أحمد، و لم يحك عنه غيرها. و الأدلة عليها من الأحاديث الصحاح و الحسان كثيرة جداً، و ليس هذا موضع ذكرها.
و قد تقدم إيراد جملة منها في التنبيه السادس.
الرواية الثانية أن الرفع في أربعة مواضع في الثلاثة التي تقدم ذكرها، و الرابع إذا قام من التشهد الأول. و هذا اختيار الإمام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية، و جده أبي البركات، و صاحب الفائق، و ابن عبدوس في تذكرته. قال ابن مفلح في الفروع: و هو أظهر. و كذا قال حفيده في المبدع. و قال المرداوي في الإنصاف: و هو الصواب. و ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية – رحمه الله تعالى – أنه قول طائقة من الحنابلة و الشافعية و غيرهم انتهى. و يدل لهذه الرواية عدة أحاديث من الصحاح يأتي ذكرها قريباً إن شاء الله تعالى.
و هذه الرواية أرجح الروايات عندي لصحة دليلها و سلامته من المعارض. قال الخطابي – رحمه الله تعالى – و أما ما روي في حديث أبي حميد الساعدي – رضي الله عنه – من رفع اليدين عند النهوض من التشهد فهو حديث صحيح، و قد شهد بذلك عشرة من الصحابة منهم أبو قتادة الأنصاري، و قد قال به جماعة من أهل الحديث، و لم يذكره الشافعي، و القول به لازم على أصله في قبول الزيادات.
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[18 - 06 - 02, 04:54 ص]ـ
قلت: بل قد ذكر ذلك عن الشافعي – رحمه الله تعالى - قال النووي في شرح مسلم: و الشافعي قول أنه يستحب رفعهما في موضع رابع و هو إذا قام من التشهد الأول و هذا القول هو الصواب فقد صح فيه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يفعله و صح أيضاً من حديث أبي حميد الساعدي. رواه أبو داود، و الترمذي بأسانيد صحيحه.
¥