تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و أما ابن حجر فقال في شرح كتاب الدعوات من صحيح البخاري ما ملخصه: و ادعى ابن القيم أن أكثر الأحاديث بل كلها مصرحة بذكر محمد و آل محمد و بذكر آل إبراهيم فقط أو بذكر إبراهيم و آل إبراهيم معاً. قال ابن حجر: و غفل عما وقع في صحيح البخاري كما تقدم في أحاديث الأنبياء في ترجمة إبراهيم عليه السلام من طريق عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى بلفظ " كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " كذا في قوله كما باركت.

ثم ذكر الحافظ روايات أخر لغير البخاري فيها الجمع بين إبراهيم و آل إبراهيم. و الظاهر أن الشيخ الألباني أخذ تعقبه على ابن القيم من كلام ابن حجر و يدل على ذلك إحالته في هامش صفحة 128 على فتح الباري في معرفة الأجوبة عن وجه التشبيه في قوله " كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم "، و الأجوبة و التعقب على ابن القيم كلها في باب واحد فلو أن الألباني نسب التعقب إلى قائله الأول لكان أليق به و أولى من نسبته إلى نفسه.

التنبيه الثاني عشر

في صفحة 138 ذكر المؤلف قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح (اللهم إني أعوذ بك من المأثم و المغرم) ثم فسر المغرم في الحاشية بأن المراد به الذنوب و المعاصي.

و أقول هذا قول ضعيف جداً ذكره ابن الأثير في النهاية و تبعه ابن منظور في لسان العرب، و لم يعرج على ذلك غيرهما من أئمة اللغة فيما علمت، و لم يعرج عليه أيضاً ابن الأثير في جامع الأصول، و على هذا القول الضعيف يكون معنى المأثم و المغرم واحداً، و لا يكون للعطف فائدة، و من المعلوم أن العطف يقتضي المغايرة، و الصحيح أن المراد بالمغرم ههنا الغرم و هو الدين قال الجوهري: الغرامة ما يلزم اداؤه و كذلك المغرم و الغرم.

و قال ابن الأثير في جامع الأصول: المغرم بأن يلتزم الإنسان ما ليس عليه كمن يتكفل إنساناً بدين فيزنه عنه. و قال الراغب الأصفهاني: الغرم ما ينوب الإنسان في ماله من ضرر لغير جناية يقال غرم كذا غرماً و مغرماً. و قال النووي في شرح مسلم: المغرم معناه الغرم و هو الدين.

و قال ابن حجر في فتح الباري: المغرم الدين يقال غرم بكسر الراء أي أدان قال و قد استعاذ صلى الله عليه و سلم من غلبة الدين. قلت: و في الحديث الذي ساق الشيخ الألباني بعضه ما يبين أن المراد بالمغرم الدين، ففي الصحيحين، و سنني أبي داود و النسائي عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يدعو في الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، و أعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، و أعوذ بك من فتنة المحيا و الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم و المغرم) فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم!. فقال: (إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، و وعد فاخلف). قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: و المراد أن ذلك شأن من يستدين غالباً انتهى.

و في صحيح مسلم عن أبي اليسر كعب بن عمرو – رضي الله عنه – قال: كان علي على فلان بن فلان الحزامي مال فأتيت أهله فسلمت، فقلت: ثم هو؟. قالوا: لا. فخرج علي ابن له جفر، فقلت له: أين أبوك؟. قال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي. فقلت: أخرج إليّ فقد علمت أين أنت، فخرج فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟. قال: أنا و الله أحدثك ثم لا أكذبك، خشيت و الله أن أحدثك فاكذبك، و أن أعدك فأخلفك، و كنت صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و كنت و الله معسراً.

و ذكر تمام الحديث، و المقصود منه قوله: خشيت و الله أن أحدثك فاكذبك، و أن أعدك فأخلفك. فهذا صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم اختبأ من غريمه من أجل إعساره خوفاً من الوقوع في الكذب و إخلاف الوعد، و الذي خشي منه صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و هو الذي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتعوذ في صلاته من انعقاد سببه و هو الغرم، و الله أعلم. و الحكمة في جمع النبي صلى الله عليه و سلم بين المأثم و المغرم، أن المأثم يوجب خسارة الآخرة، و المغرم يوجب خسارة الدنيا. أفاد ذلك العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – و الله الموفق.

التنبيه الثالث عشر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير