حدثنا سعيد قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال لما رفع رسول الله رأسه من الركعة الآخرة من صلاة الصبح قال اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف.
حدثنا محمد بن عبد الله قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أبو حنيفة قال سمعت مسددا يقول كان يحيى بن سعيد يقول يجب الدعاء إذا وغلت الجيوش في بلاد العدو يعني القنوت.
قال وكذلك كانت الأئمة تفعل. قال وكان مسدد يجهر بالقنوت.
قال أبو حنيفة والدليل على ذلك حديث أبي الشعثاء أنه سأل بن عمر عن القنوت فقال ما شهدت ولا رأيت.
ووجه ذلك أن عبد الله بن عمر كان لا يتخلف عن جيش ولا سرية أيام أبي بكر وأيام عمر فكان لا يشهد القنوت لذلك قال أبو حنيفة والعمل عندنا على ذلك وهو قول مالك في القنوت إنما هو دعاء فإذا شاء وإن شاء ترك.
واختلف الفقهاء فيما يقنت به من الدعاء فقال الكوفيون ومالك ليس في القنوت دعاء موقت ولكنهم يستحبون ألا يقنت إلا بقولهم اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونؤمن بك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجوا رحمتك ونخشى عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق. وهذا يسميه العراقيون السورتين ويرون أنها في مصحف أبي بن كعب.
وقال الحسن بن حي والشافعي وإسحاق بن راهويه يقنت باللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت اللهم قني شر ما قضيت وبارك لي فيما أعطيت فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك وأنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت وهذا يرويه الحسن بن علي من طرق ثابتة أن رسول الله علمه هذا الدعاء يقنت به في الصلاة وقال عبد الله بن داود من لم يقنت بالسورتين فلا تصل خلفه
قال أبو عمر هذا خطأ بين وخلاف للجمهور وللأصول {
وقال الإمام الباجي في المنتقى: (قَالَ مَالِكٌ رحمه الله فِي التَّرْجَمَةِ الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ وَلَمْ يُدْخِلْ فِي الْبَابِ مَا فِيهِ الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ عَلَى مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ هُوَ مِنْ الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ أَدْخَلَ فِعْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مُخَالِفًا لِمَا يَعْتَقِدُهُ هُوَ فِي ذَلِكَ.
وَالْمُرَادُ هَاهُنَا بِالْقُنُوتِ الدُّعَاءُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا أَرَادَ دُعَاءً مَعْرُوفًا فِي مَكَان مِنْ الصَّلَاةِ مَعْرُوفٍ وَيُسَمَّى ذَلِكَ الدُّعَاءُ قُنُوتًا قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ قَنَتَ الرَّجُلُ أَخَذَ فِي الدُّعَاءِ.
وَالْقُنُوتُ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ الْقُنُوتُ الطَّاعَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} يَعْنِي مُطِيعِينَ وَالْقُنُوتُ الْقِيَامُ رُوِيَ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الصَّلَوَاتِ أَفْضَلُ فَقَالَ طُولُ الْقُنُوتِ} مَعْنَاهُ طُولُ الْقِيَامِ قَالَ وَالْقُنُوتُ السُّكُوتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} وَالْقُنُوتُ الْأَخْذُ فِي الدُّعَاءِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَنَرَى قُنُوتُ الْوِتْرِ سُمِّيَ قُنُوتًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَائِمٌ فِي الدُّعَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْرَأَ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يُسَمَّى قُنُوتًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: يُسَمَّى قُنُوتًا بِمَعْنَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُسَمَّى قُنُوتًا بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَيُسَمَّى قُنُوتًا بِاسْمِ الْقِيَامِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ وَيُسَمَّى قُنُوتًا بِالسُّكُوتِ لِأَنَّ الْقَانِتَ يَسْكُتُ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي مَحَلِّهَا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقُنُوتِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الْقُنُوتَ مَشْرُوعٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَنَّهُ مِنْ فَضَائِلِ الصُّبْحِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا.
¥