تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن القيمفي الزاد [3/ 551]: (وبعض الرواة يهم في هذا ويقول: إنما كان ذلك عند مقدمه إلى المدينة من مكة، وهو وهم ظاهر لأن ثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام).

وعلى كل حال فالحديث ضعيف لا يحتج به.

ثم إن الحديث (ليس فيه ذكر للدف والألحان) ([11])

وأما ما جاء في بعض طرقه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " هزوا غرابيلكم، بارك الله فيكم" فـ (لا أصل له) ([12])

الأحكام الفقهية والفوائد المستفادة من أحاديث الدف:

أولاً: الدف في العرس: مباح للنساء بشروطه وهذا محل اتفاق بين الأئمة، للأحاديث الواردة فيه ([13])

فائدة: قال البغوي: يستحب - أي الدف - في العرس والوليمة ووقت العقد والزفاف.

ثانياً: الدف في العيد: مباح للنساء لورود النص، وهو حديث عائشة رضي الله عنها.

ثالثاً: الدف في الأمور التي يراد بها إظهار السرور: كالختان والولادة وغيرهما مما فيه إظهار للسرور. وهذا فيه نظر كما سيأتي.

النصوص الفقهية:

(وضرب الدف في الختان وقدوم الغائب ونحوهما كالولادة والعرس لما فيه من السرور) ([14])

(وكذا غيرهما أي العرس والختان مما هو سبب لإظهار السرور) ([15])

( .... والنوع الثاني: مباح وهو الدف في النكاح وفي معناه ما كان من حادث سرور ويكره في غيره) ([16]).

ويفهم من النصوص الفقهية السابقة: أن القدر المشترك بين أحاديث الإباحة هو إظهار السرور فجعلوا الحكمة من الجواز: إظهار السرور، ومن ثم جعلوا حكم الإباحة مطرداً في كل أمر يراد به إظهار السرور.

وهذه الحكمة غير مسلم بها لأمور منها:

1 ـ أن حديث الختان غير صحيح لانقطاعه فلا يستنبط منه حكم شرعي، فضلاً عن استنباط حكمة تجعل مناط لحكم شرعي.

2 ـ أما حديث النذر: فهو فرح بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم، والفرح بقدومه ليس كالفرح والسرور بالختان والولادة وغيرهما، فلا قياس هنا للفارق بينهما.

ثم الذي يظهر أن حادثة النذر بالضرب بالدف واقعة عين لم تتكرر فلا عموم فيها، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " إن كنت نذرت فافعلي وإلا فلا " ودليل ذلك أيضاً أن النذر بالمباح -الدف- لا يلزم الوفاء به، بل عند مالك والشافعي لا ينعقد أصلاً ([17]).

3 ـ وكذا يقال في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث أنس رضي الله عنه، علماً أن ابن ماجة أورده في كتاب النكاح باب الغناء والدف.

4 ـ وأما حديث العيد: فما ورد فيه من غناء وضرب بالدف ولعب بالحراب، فهو من اللهو المباح، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة.

5 ـ وأما المراد من الحديث المتضمن إباحته في العرس: فهو إعلان النكاح وللتمييز بين النكاح والسفاح.

والخلاصة أن الدف أبيح استثناءً فيقتصر على ما ورد فيه النص.

رابعاً: ضرب الدف للرجال:

ذهب فريق من الفقهاء إلى جواز الضرب بالدف للرجال، وقالوا: (لا فرق في الجواز بين الذكور والإناث كما يقتضيه إطلاق الجمهور) ([18]).

ومنعه آخرون فقالوا: (وهو مكروه على كل حال للرجال للتشبه بالنساء) ([19]).

وعمدة القائلين بالجواز: حديث عائشة رضي الله عنها: (أعلنوا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف)

قال ابن حجر: (واستدل بقوله: " واضربوا " على أن ذلك لا يختص بالنساء، لكنه ضعيف والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن) ([20]).

وتوضيحاً للمقال في هذا المقام، وتبياناً للحق، واتباعا ًللأحاديث النبوية الصحيحة، لا بد من القول: أنه لا يجوز إلحاق الرجال بالنساء في الحكم لعموم حديث: (لعن رسول الله صلى عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء .... ) ([21]).

ثم إن جميع ما ورد في الأحاديث الصحيحة في استخدام الدف، إنما كانت الجويريات يضربن به.

ففي حديث عائشة في النكاح (فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف).

وفي حديث الربيع بنت معوذ (فجعلت جويريات يضربن بالدف).

وفي حديث أنس (فإذا هو بجوار يضربن بدفهن) وفي حديث عائشة في العيد (وعندها جاريتان تضربان بدفين).

وفي حديث النذر (فجاءت جارية سوداء فقالت يارسول الله: إني كنت نذرت إن ردك الله تعالى سالماً أن أضرب على رأسك بالدف).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير