تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه القاعدة من أنفع ما يكون للناظر في كتب التفسير , فكثيراً ما يذكر المفسرون أسباباً عدة لنزول الآية. وفي هذه الحالة ينبغي تطبيق الخطوات التالية بالترتيب التالي:

ننظر في الأسانيد , فنترك الضعيف ونقتصر على الصحيح.

ننظر في الدلالات , فنترك غير الصريح , ونقتصر على الصريح.

إذا كانت الروايات , الصحيحة , الصريحة متعددة , متقاربة الزمان حكمنا بأن الآية نزلت بعد تلك الأسباب كلها.

إن كان الزمان متباعداً حكمنا بتكرر النزول. وبعض العلماء يذهب في هذه الحالة إلى الترجيح. لكن الأولى هو الأول. وتقدم.

وبهذه الخطوات ينحل عن المشتغل في التفسير كثير من الأشكالات.

تطبيق:

مثال ما كان فيه بعض الروايات ثابتاً. والآخر لم يصح.

أخرج الشيخان من حديث جندب بن سفيان t قال: اشتكى رسول الله r فلم يقم ليلتين أو ثلاثاً. فجاءت امرأة فقالت يا محمد: إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك , لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثاً. فأنزل الله عز وجل: [والضحى. والليل إذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى]. فهذه رواية صحيحة , صريحة في سبب النزول. وقد وردت روايات أخرى في سبب نزولها مفادها وجود جرو كلب تحت سرير النبي r لم يشعر به فأبطأ عليه جبريل بسبب ذلك. وهذه قصة مشهورة. لكن جعلها سبباً لنزول هذه الآية لا يصح. ووردت روايات أخرى تذكر أسباباً متعددة للنزول وكلها لا تصح. ذكرها الحافظ في الفتح (8/ 710).

مثال ما كانت الروايات فيه كلها ثابتة لكن منها الصريح ومنها غير الصريح:

قال تعالى: [ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله].

تعددت الروايات في سبب نزولها:

أخرج الترمذي من حديث عامر بن ربيعة t قال: كنا مع النبي r في سفر في ليلة مظلمة فلم ندرِ أين القبلة فصلى كل رجلٍ منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله r فنزلت: [فأينما تولوا فثم وجه الله]. صحيح سنن الترمذي (2357) الأرواء (291).

فهذا حديث من جهة الثبوت صحيح , من جهة الدلالة صريح.

أخرج الترمذي من حديث ابن عمر y قال: كان النبي r يصلي على راحلته تطوعاً حيثما توجهت به , وهو جاءٍ من مكة إلى المدينة ثم قرأ ابن عمر هذه الآية: [ولله المشرق والمغرب ... ] صحيح سنن الترمذي (2358).

هذا حديث صحيح لكنه غير صريح.

وبمقتضى القاعدة نقدم الأول على الثاني من باب تقديم الصريح الدلالة على غير الصريح.

مثال ما صحت فيه كل الروايات وكلها صريحة مع تقارب الزمان:

مضى مثاله قريباً في قوله تعالى: [والذين يرمون أزواجهم] وبمقتضى القاعدة تكون الآية نزلت بعد الأسباب كلها.

مثال ما صحت فيه الروايات وكانت صريحة مع تباعد النزول: مضت أمثلته عند الكلام على ما تكرر نزوله كما في الآية: [ويسألونك عن الروح].

مثال الترجيح (عند القائلين به) كترجيح رواية الصحيحين على غيرهما في الأمثلة السابقة. وقدمنا أن القول بتكرار النزول أولى من هذا القول. والله أعلم.

القسم الثاني

القواعد المتعلقة بأماكن النزول (المكي والمدني)

الضابط في معرفة المكي من المدني: لعل أحسن ما قيل في ذلك أن ما نزل قبل الهجرة فهو مكي وما نزل بعد الهجرة فهو مدني.

قاعدة:

معرفة المكي والمدني موقوفة على نقل ممن شاهدوا التنزيل.

توضيح:

هذه القاعدة نافعة في بابها , وذلك لأن كتب التفسير مشحونة بالدعاوى الكثيرة في هذه القضية وغالب تلك الأقاويل مبني على الرأي والنظر بدون رجوع إلى النقل. وإنما تكون معرفة ذلك بالرجوع إلى المنقول عن الصحابة والتابعين. وقد أخرج البخاري عن ابن مسعود أنه قال: والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت وأين نزلت. ومن الأصول المهمة في هذا الباب أن السورة التي يثبت نزولها في مكة تكون جميع آياتها مكية ولا تقبل دعاوى بأن شيئاً من آياتها مدنية إلا بدليل يجب الرجوع إليه. كما أن السورة التي ثبت نزولها بالمدينة يحكم لجميع آياتها بأنها مدنية إلا ما دل الدليل على استثنائه. وذكر جماعة من أهل العلم مجموعة من الضوابط المتعلقة بهذا الموضوع إلا أن بعضها يحتاج إلى تحرير. وذلك مثل قولهم كل سورة فيها إشارة إلى أهل الكتاب فهي مدنية أو كل سورة ذكر فيها الزكاة أو القتال فهي مدنية.

وقد قدمنا أن معرفة ذلك تتوقف على النقل لا على النظر والاجتهاد.

تطبيق:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير