سورة الأعلى مكية وهو الصواب وعليه الجمهور. وقيل أنها مدنية لذكر صلاة العيد فيها وزكاة الفطر. [قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى] وعلى فرض التسليم بصحة المعنى الذي بني عليه هذا القول. فإنه يجاب عنه بأن من القرآن ما نزل قبل تقرير الحكم كما سبق بيانه.
قاعدة:
المدني من السور يكون منزلاً في الفهم على المكي. وكذا المكي بعضه مع بعض والمدني بعضه مع بعض. على حسب ترتيبه في التنزيل.
توضيح:
إن جميع الرسالات هي بمثابة لبنات يرتبط بعضها مع بعض لتشكل بناءاً متكاملاً للهداية. وإذا كان هذا بالنسبة لشريعة الإسلام مع ما تقدمها من الشرائع فهو يكون كذلك في هذه الشريعة بعضها مع بعض فالمتأخر مبني على المتقدم ومتمم له. وهذا معلوم بالاستقراء أن المتأخر يكون غالباً بياناً لمجمل , تخصيصاً لعام , تقييداً لمطلق , تفصيلاً أكثر. والخلاصة أنت المفسر لا بد له من مراعاة الترابط بين الآيات المكية والمدنية من ناحية المتقدم والمتأخر من القسمين كليهما.
تطبيق:
تعد سورة الأنفال من أوائل السور المكية وهي معنية بالعقائد والأصول وكليات الشريعة ولما هاجر الرسول r إلى المدينة كان أول ما نزل عليه سورة البقرة وهي في مضمونها مفصلة لتلك القواعد.
القسم الثالث
القواعد المتعلقة بالقراءات
قاعدة:
القراءة الصحيحة لها ثلاثة أركان: موافقة العربية ــ موافقة رسم المصحف العثماني ــ صحة السند. فإن اختل واحد من هذه الأركان فهي ضعيفة أو شاذة أو باطلة.
تطبيق:
ما اجتمعت فيه الشروط:
قال تعالى: (ملك يوم الدين) , (مالك يوم الدين).
ما صح نقله عن الآحاد وجهه في العربية وخالفه رسم المصحف.
قراءة ابن مسعود t وأبو الدرداء [والذكر والأنثى] في [وما خلق الذكر والأنثى] من سورة الليل. وقراءة ابن مسعود: [وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينةٍ غصبا] من سورة الكهف.
ما نقلع ضعيف:
قرأ بعضهم في الآية: [فاليوم ننجيك ببدنك] يونس. ننجك.
قاعدة:
تنوع القراءات بمنزلة تعدد الآيات:
توضيح: معنى القاعدة أنه إذا كان لكل قراءة تفسير يغاير تفسير القراءة الأخرى فإن القراءتين بمنزلة الآيتين. قال الشنقيطي رحمه الله: ((أعلم أولاً أنه القراءتين إذا ظهر تعارضهما في آية واحدةٍ لهما حكم الآيتين , كما هو معروف عند العلماء)). أضواء البيان (2/ 8).
تطبيق:
قال تعالى: [ذو العرش المجيد] في قراءة بالكسر [المجيدِ] صفة للعرش وفي قراءة بالرفع [المجيدُ] صفة لله تعالى , فكأنهما آيتان.
قال تعالى: [بل عجبت ويسخرون] في قراءة بالفتح [عجبتَ] راجع إلى النبي r وفي قراءة بالرفع [عجبتُ] من فعل الله تعالى.
قاعدة:
القراءتان إذا اختلف معناهما ولم يتعارضا , وعادتا إلى شيء واحد , كان ذلك من زيادة الحكم لهذا الشيء.
توضيح: هذه القاعدة لها علاقة بالقاعدة السابقة , إلا أن الفرق بينهما أن السابقة تتنزل على ذوات متعددة , بينما تنزل هذه على ذات واحدة. فتكون ذاتاً لها أوصاف متعددة متغايرة.
تطبيق: قال تعالى: [حتى يطَّهَّرْنَ] وقراءة [حتى يّطْهُرْنَ] الأولى تدل على الغسل والثانية تحتمل الاغتسال وتحتمل انقطاع الدم.
وقال تعالى: [وجدها تغرب في عين حمئة] وفي قراءة [حامية] فالأولى من الحمأة وهي الطين المنتن المتغير اللون , والثانية من الحرارة. قال ابن كثير: ولا منافاة بين معنييهما , إذ قد تكون حارة لمجاورتها وهج الشمس عند غروبها وملاقاتها الشعاع بلا حائل , وحمئة في ماء وطين أسود. التفسير (3/ 102).
قاعدة:
القراءات يبين بعضها بعضاً.
توضيح: يمكن أن نعبر عن هذه القاعدة بتعبير آخر فنقول: بعض القراءات يبين ما قد يجهل في القراءة الأخرى. وسواء كانت متواترة مع مثلها أو آحاداً مع متواترة. والاستشهاد بها على صحة التأويل خير بكثير من الاستشهاد ببعض الآراء والاجتهادات وهذا من العلم الذي لا يعرفه العامة , إنما يعرف ذلك العلماء كما نص عليه أبو عبيد رحمه الله في فضائل القرآن (ص239).
تطبيق:
مثال على القراءة المتواترة المبينة لقراءة متواترة:
قال تعالى: [حتى يَطْهُرْنَ] مع قراءة [حتى يَطَّهَّرْنَ] يؤخذ من القراءة الثانية أن المراد من القراءة الأولى الاغتسال مع انقطاع الدم. فلا يجوز قربان المرأة قبل ذلك.
مثال على القراءة الاحادية التي تفسر المتواترة:
¥