" موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من الطريقين: الطريق الأول والعام هو ما تقدم من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا، و لا عادة سلفنا. فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي تركه مصلحة مخالفتهم، حتى لو كانت موافقتهم في ذلك أمراً اتفاقياً ليس مأخوذاً عنهم، لكان المشروع لنا مخالفتهم، لما في مخالفتهم من المصلحة لنا. كما تقدمت الإشارة إليه. فمن وافقهم فقد فوت على نفسه هذه المصلحة و إن لم يكن قد أتى بمفسدة، فكيف إذا جمعهما؟
و من جهة أنه من البدع المحدثة و هذه الطريق لا ريب في أنها تدل على كراهة التشبه بهم في ذلك. فإن أقل أحوال التشبه بهم أن يكون مكروهاً. و كذلك أقل أحوال البدع أن تكون مكروهة. و يدل كثير منها على تحريم التشبه بهم في العيد، مثل قوله صلى الله عليه و سلم:" من تشبه بقوم فهو منهم" فإن موجب هذا: تحريم التشبه بهم مطلقاً، و كذلك قوله:" خالفوا المشركين" و نحو ذلك، مثل ما ذكرناه من دلالة الكتاب و السنة على تحريم سبيل المغضوب عليهم و الضالين. و أعيادهم من سبيلهم، إلى غير ذلك من الدلائل".
قال الكاتب ص44: و أما عادة الاحتفال بعيد الأم فأقول: إنها عادة ليست حسنة، وإن لم تكن بدعة ضلالة للأسباب التالية. ثم راح يحكم العقل في إثبات عدم الحسن، كقوله:" إن الأمهات اللاتي ليس لهن أولاد يصيبهن الحزن في هذا اليوم" إلى غير ذلك من أسباب عقلية أوردها.
قلت: يريد بقوله أنها عادة ليست حسنة و أن لم تكن بدعة ضلالة!! أنها لا تمت للدين بصلة ولكنه استقبحها للأسباب التي رآها، و ليس الأمر كذلك، بل هي بدعة مذمومة للأسباب التي بيناها في الكلام على عيد الميلاد.
و من العجيب أنه حين الكلام على عيد الأم، و أثناء ذكره للأسباب التي لم يستحسنها لأجلها قال في البند رقم (8): قد يؤدي الدوام على هذا الاحتفال كل عام إلى إعتقاد أنها قربة من القربات، و أن هذا واجب ديني، و عند ذلك تصبح بدعة في الدين، فتدخل من باب سد الذرائع.
قلت: فهلا قال نفس الكلام بالنسبة لعيد الميلاد؟!.
في ص64 و ما بعدها: تحت عنوان إعفاء اللحية و قص الشارب، نقل الكاتب كلاماً كثيرا لبعض العلماء، ثم قال في ص69:" وأحاديث الفطرة بإعفاء اللحية هي هي بقص الشارب والاختلاف حاصل و بلا نكير، فلماذا ينكر البعض الخلاف في حلق اللحية و الخلاف حاصل من قديم".
و قال أيضاً:" ذهب بعض العلماء المعاصرين مثل الشيخ أبي زهرة، والشيخ محمد الغزالي و غيرهما إلى أن حكم اللحية مثل أحكام النظافة كتقليم الأظافر و حلق العانة لأنها من أحكام الفطرة كما جاء في الحديث".
قلت: سأكتفي بنقل أقوال المذاهب من كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) ثم أنقل فتوى للشيخ/ جاد الحق ــ شيخ الأزهر السابق رحمه الله ــ بنصها:
أولاً: من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة:
الشافعية ــ قالوا: من السنن المطلوبة يوم الجمعة قص الشارب حتى تظهر حمرة الشفة، و معنى ذلك أنه يبالغ في قصه إلى أن يخف شعره و يظهر ما تحته، ولكنه يكره استئصاله بالقص كما يكره حلقه جميعه، وإذا قص بعضه و حلق بعضه فإنه جائز، أما اللحية فإنه يكره حلقها و المبالغة في قصها، فإذا زادت على القبضة فإن الأمر فيه سهل خصوصاً إذا ترتب عليه تشويه لخلقه أو تعريض به و نحو ذلك.
الحنفية ــ قالوا: يحرم حلق لحية الرجل، و يسن ألا تزيد في طولها على القبضة، فما زاد على القبضة يقص.
المالكية ــ قالوا: يحرم حلق اللحية و يسن قص الشارب، و ليس المراد قصه جميعه، بل السنة أن يقص منه طرف الشعر المستدير النازل على الشفة العليا، فيؤخذ منه حتى يظهر طرف الشفة، وما عدا ذلك فهو مكروه.
الحنابلة ــ قالوا: يحرم حلق اللحية. و لا بأس بأخذ ما زاد على القبضة، فلا يكره قصه كما لا يكره تركه.
ثانيا: فتوى الشيخ / جاد الحق:
حكم إطلاق اللحى
المبادئ
1ــ إطلاق اللحى من سنن الإسلام التي ينبغي المحافظة عليها.
2ــ إتلاف شعر اللحية بحيث لا ينبت بعده جناية توجب المسائلة بالدية على خلاف في مقدارها.
¥