من رجع من الحج فليحافظ على ما عاهد الله عليه، وعلامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة بعدها، وعلامة ردها أن توصل بمعصية. ما أحسن الحسنة بعد الحسنة، وما أقبح السيئة بعد الحسنة!! ذنب بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها. النكسة أصعب من المرض الأول، ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة، ارحموا عزيز قوم بالمعاصي ذل، وغني قوم بالذنوب افتقر، سلوا الله الثبات إلى الممات، وتعوذوا من الحور بعد الكور. كان الإمام أحمد يدعو ويقول: اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك.
تلك مقتطفات اختصرتها من لطائف المعارف للحافظ ابن رجب وأجملها في النقاط التالية:
أولاً: على الحاج أن ينمّي البواعث الإيمانية والنوايا الطيبة التي يحس بها الآن.
ثانياً: أن يجعل الدنيا في يده لا في قلبه؛ لأن الانغماس فيها يحبط هذه النوايا الطيبة ولا شك أن الدنيا لاهية فانية.
ثالثاً: لا تكفي أبداً هذه البواعث الإيمانية والنوايا الطيبة عن العمل، وإن كان فيها أجر إلا أن العمل هو الثمرة وهو دليل على استمرار هذه النوايا، وبه تصل النفس إلى لذة الطاعة، وسعادة المآل. كثير من الناس تجده يأمل الخير وأمله في ذلك واسع، ولا يتحرك قيد أنملة، واقف مكانه تاركاً العنان لبواعث الخير التي لا تنتهي إلى حد ثم تجده بعد ذلك وبعد هذا الأمل الطويل أصابه اليأس لأنه لم يجد الثمرة وهي العمل.
رابعاً: الترويح عن النفس بما هو مباح بين فترة وأخرى ليكون ذلك دافع النفس على الاستمرار على العمل.
خامساً: عدم العجب بما هو عليه من الخير، واحذر أن يدخل عليك الشيطان من باب العجب، واتهم نفسك دائماً بالتقصير، اجعلها دائماً بين الخوف والرجاء، الخوف من عدم قبول العمل ورجاء القبول والثواب. ولو كانت أعمالك كالرمال عدداً، والجبال ضخامة، فاحذر العجب.
سادساً: الدعاء بالثبات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قوله: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». رواه الترمذي (2140) وابن ماجه (3834) من حديث أنس رضي الله عنه.
سابعاً: الصحبة الطيبة التي تدفعه دفعاً إلى فعل الخيرات، وترك المنكرات، وتساعده على جهاد نفسه، وإقامة شرع الله في بيته وأسرته.
هذا والله المستعان وعليه التكلان، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1710
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:33 م]ـ
أيها الحاج استأنف عملك
عبد الوهاب بن ناصر الطريري
تضيفت الشمس للغروب عشية عرفة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم باسط كفين ضارعتين، داعياً بخشوع وخضوع وإخبات، ثم أرسل يديه وأقبل على بلال يقول له:"يا بلال استنصت الناس". فنادى فيهم بلال واستنصتهم، فأطافت القلوب، وأصاخت الآذان، واشرأبت الأعناق، وأَبَّدَت العيون بصرها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ناداهم:"إن جبريل أتاني فبشرني أن الله قد قَبِلَ من محسنكم، وتجاوز عن مسيئكم، وتحمل عنكم التبعات". وهنا انطلق إليه العبقري الملهم عمر بن الخطاب ليقول:" يا رسول الله هذه لنا خاصة أم للناس عامة"، فقال صلى الله عليه وسلم: "بل للناس عامة"، فقال عمر: "كثر خير ربنا وطاب".
ما أروع هذه البشرى النبوية وهي تسكب في قلوب الحجيج الواقفين بعرفات سويعة النفرة إلى المزدلفة، فتخب بهم مطاياهم وكأنما تعرج بهم إلى السماء، وقد تخففوا من سيئاتهم، وبوركت حسناتهم. وكما تجلّت في هذه البشرى النبوية الرحمة الإلهية والفيض الرباني الغامر، فقد تواردت نصوص أخر بهذه البشائر والفيوض الإلهية.
روى الإمام مسلم في صحيحه، في حديث لعمرو بن العاص رضي الله عنه قال: فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك. فبسط يمينه. قال فقبضت يدي. قال "مالك يا عمرو؟ " قال قلت: أردت أن أشترط. قال"تشترط بماذا؟ " قلت: أن يغفر لي. قال" أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟ ".
إن الحج هدم لكل ركام الخطايا والذنوب السالفة، كما أنّ الإسلام يهدم كل خطايا الكفر.
¥