وقال الحافظ في [الفتح] ج (8) ص (137) في باب سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى من (كتاب التفسير): أخرج ابن مردويه بسند ضعيف، عن مجاهد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي حوله، والأول أصح). اهـ.
ووجه ضعف سنده: أن فيه شريكا النخعي، وإبراهيم بن المهاجر، وهما ضعيفان؛ أما شريك، فقد روى علي بن المديني عن يحيى بن سعيد تضعيفه جدا، وقال ابن المثنى: ما رأيت يحيى ولا عبد الرحمن حدثا عن شريك شيئا، وروى محمد بن يحيى القطان عن أبيه قال: رأيت تخليطا في أصول شريك، وقال ابن المبارك: ليس حديثه بشيء، وقال الجوزجاني: سيئ الحفظ، مضطرب الحديث، ومائل، وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: أخطأ شريك في أربعمائة حديث، وقال الدارقطني: ليس شريك بالقوي فيما ينفرد به، وقال عبد الجبار بن محمد: قلت ليحيى بن سعيد: زعموا أن شريكا إنما خلط بآخره قال: ما زال مخلطا. نقل هذا عن
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 376)
هؤلاء الأئمة الحافظ الذهبي في [ميزان الاعتدال]. وأما إبراهيم بن المهاجر البجلي الكوفي - فقد قال العقيلي في [الضعفاء]: حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا صالح بن أحمد، قال: حدثنا علي، قال: قلت ليحيى: إن إسرائيل روى عن إبراهيم بن المهاجر ثلاثمائة حديثا، قال إبراهيم بن المهاجر: لم يكن بالقوي، حدثنا محمد، حدثنا صالح، عن علي قال: سئل يحيى بن سعيد عن إبراهيم بن المهاجر وأبي يحيى القتات فضعفهما. حدثنا عبد الله قال: سألت أبي عن إبراهيم بن المهاجر فقال: كان كذا وكذا، (وقال النسائي في [الضعفاء والمتروكين]: إبراهيم بن المهاجر الكوفي ليس بالقوي)، ونقل الحافظ في [تهذيب التهذيب] عن النسائي أنه صرح أيضا في [الكنى] بأنه ليس بالقوي في الحديث، قال الحافظ: (وقال ابن حبان في [الضعفاء]: هو كثير الخطأ، وقال الحاكم: قلت للدارقطني: فإبراهيم بن المهاجر! قال: ضعفوه، تكلم فيه يحيى بن سعيد وغيره، قلت: بحجة، قال: بلى، حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وقد غمزه شعبة أيضا) قال الحافظ: وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، هو وحصين وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض، ومحلهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم ولا يحتج به، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي: ما معنى لا يحتج بحديثهم؟) قال: كانوا قوما لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون، فيغلطون، ترى في أحاديثهم اضطرابا ما
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 377)
شئت). اهـ. ما في [تهذيب التهذيب].
الثاني: مما استدل به القائلون بأن موضع مقام إبراهيم - عليه السلام - اليوم: هو موضعه في عهد النبوة: ما في مغازي موسى بن عقبة في سياق خبر فتح مكة بلفظ: (وأخر- أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - المقام إلى مقامه اليوم، وكان ملتصقا بالبيت).
والجواب عن هذا: أن هذا المنقول من مغازي موسى بن عقبة يخالف ما تقدم عن عائشة وعروة شيخ موسى بن عقبة ومشايخ ابن جريج هو: أن أول من حول المقام إلى مقامه اليوم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -؛ ولذلك لم يلتفت الحافظ ابن كثير الذي نقل هذا عن مغازي موسى بن عقبة إليه، بل جزم بخلافه.
الثالث: مما استدلوا به: ما رواه الأزرقي في [تاريخ مكة] قال: حدثني جدي، قال: حدثنا عبد الجبار بن الورد، قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: موضع المقام هذا الذي هو فيه اليوم: هو موضعه في الجاهلية وفي عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر، فجعل في وجه الكعبة حتى قدم عمر فرده بمحضر الناس).
والجواب عنه بأمرين:
أحدهما: أن راوي هذا عن ابن أبي مليكة عبد الجبار بن الورد، وهو وإن كان ثقة يخالف في بعض حديثه، قال البخاري في [تاريخه الكبير]: (يخالف في بعض حديثه)، واعتمد العقيلي على كلام البخاري هذا، فذكره في [الضعفاء] ثم قال: (حدثني آدم بن موسى، قال: سمعت البخاري قال: (عبد الجبار بن الورد المكي يخالف في بعض حديثه). اهـ
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 378)
كلام العقيلي. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في [تقريب التهذيب] في عبد الجبار بن الورد: صدوق يهم).
¥