تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يسلكوا مسلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأن يجتهدوا في إيصال الدعوة إلى المدعوين بالطرق التي يرجى منها حصول المطلوب، وإذا قوي من له سلطان قام على تنفيذ الحق بالقوة بطريقة يحصل بها المطلوب ولا يحصل منها ضده، وهذا هو الواجب على ولاة الأمور أن يقيموا الحق بالطريقة التي يمكن تنفيذه بدون حصول ما هو شر ومنكر. والواجب على الدعاة إلى الله أن يبلغوا ولاة الأمور الحق بالوسائل الكتابية والشفهية حتى يحصل التعاون بين الجميع بين السلطان وبين الأمير وبين كبير القبيلة وبين كبير الأسرة، حتى يحصل التعاون بين الجميع بالأسلوب الحسن والدعوة المباركة. ولاشك أن الدعوة إلى الله عز وجل يدخل فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أن الدعوة تدخل في الأمر والنهي عند الإطلاق، كما قال تعالى في كتابه العظيم: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً} [6]، وهكذا في قوله جل وعلا: {ادع إلى سبيل ربك} [7]، تعم الدعاة وتعم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعم كل من قام بالإصلاح والدعوة إلى الله عز وجل، في درس أو مجلس أو غير ذلك، وهكذا الأمر بالمعروف إذا أطلق دخلت فيه الدعوة، كما في قوله جل وعلا: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} [8]، فالواجب على كل إنسان أن يبذل وسعه في تنفيذ الحق حسب طاقته، فالسلطان عليه واجبه الأعظم حسب طاقته، والأمير في القرية أو البلد أو القبيلة عليه تنفيذ الحق حسب طاقته بالفعل والقول جميعاً، وكبير الأسرة وصاحب البيت عليه تنفيذ الحق بالقول وبالعمل حسب طاقته ومع أولاده وأهله، وهكذا كل إنسان عليه أن يعمل حسب طاقته، كما قال الله عز وجل: {فاتقوا الله ما استطعتم} [9] وكما قال عليه الصلاة والسلام: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) [10]. فمن كان يستطيع بيده مثل السلطان والأمير فيما حدد له، والهيئة فيما حدد لها، وصاحب البيت فيما يقدر عليه نفذ الأمر بيده، ومن كان بصفة أخرى نفذ بالكلام والتوجيه والإرشاد وبالتي هي أحسن حتى يحصل الحق وحتى يزول الباطل، وعليه أن يستمر ولا ييأس ويرجو ما عند الله من المثوبة فيصبر، كما قال الله عز وجل: {والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} [11] هذه صفة الرابحين والمؤمنين السعداء، إيمان صادق وعمل صالح وتواص بالحق وتواص بالصبر. وقال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [12]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)) [13] ويقول جل وعلا: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} [14]. فالواجب نصر الله والعناية بأمره والاجتهاد في ذلك، ويشرع للمؤمن أن يجتهد في أن يكون في حاجة أخيه الدينية والدنيويه، وأن يعينه على الخير حسب طاقته، وبهذا تجتمع القلوب ويحصل التعاون والتآلف والمحبة في الله، وكثرة الخير وقلة الشر.

فنسأل الله أن يوفق المسلمين لما يرضيه وأن يوفقنا جميعاً إلى كل ما فيه صلاح العباد والبلاد أينما كانوا، كما أسأله سبحانه أن يوفق جميع المسئولين لما يرضيه في كل مكان وأن يصلح بطانتهم وأن يصلح العلماء ويعينهم على أداء الواجب، كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمور المسلمين في كل مكان للحكم بشريعته والتحاكم إليها والفقه فيها، كما أسأله أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وأن ينصر بهم الحق، وأن يوفقهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن يوفق علماؤنا وجميع المسلمين للتعاون على البر والتقوى إنه خير مسئول. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


[1] سورة يوسف، الآية 108
[2] سورة النحل، الآية 152
[3] سورة آل عمران، الآية 159
[4] سورة طه، الآية 44
[5] سورة فصلت، الآية 33
[6] سورة فصلت، الآية 33
[7] سورة النحل، الآية 125
[8] سورة آل عمران، الآية 110
[9] سورة التغابن، الآية 16
[10] رواه مسلم في (الإيمان) باب كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 49
[11] سورة العصر كاملة
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير