ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 04:00 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لم يثبت هذا الفعل عن النبي صلى الله عليه وسلم , وكل ما ذكر فيه لا يغني في بناء الأحكام والأصل في العبادات التوقف كما هو معلوم.
فما ذكر مرفوعاً في هذا الباب:
روى الدارمي [جزء 2 - صفحة 559] قال:
حدثنا سليمان بن حرب ثنا صالح المري عن أيوب عن أبي قلابة رفعه قال: من شهد القرآن حين يفتتح فكأنما شهد فتحا في سبيل الله ومن شهد ختمه حين يختم فكأنما شهد الغنائم حين تقسم.
وقال السيوطي رواه الديلمى من طريقين عن ابن مسعود
قلت: ورواه أيضاً المروزي في قيام رمضان (ج 1 / ص 89) , والخطيب في تاريخ بغداد - (ج 9 / ص 307) , ومحمد بن الضريس في فضائل القرآن (ج 1 / ص 96).
وهذا الحديث ضعيف لا يصح. فهو من رواية (صالح بن بشير المري) وهو ضعيف.
ضعفه يحيى بن معين , وعلي بن المديني , وقال عنه البخاري منكر الحديث.
وقال الحافظ عنه (ضعيف) وكذلك الذهبي قال (ضعفوه) و قال أبو داود: لا يكتب حديثه.
وقال حسبن أسد: في إسناده علتان: الإرسال وضعف صالح بن بشير المري.
================================
روى الطبراني في المعجم الكبير (ج 18 / ص 259) قال:
حدثنا الفضل بن هارون البغدادي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني، حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة فريضة فله دعوة مستجابة ومن ختم القرآن فله دعوة مستجابة.
وهذا الحديث من رواية (عبد الحميد بن سليمان الخزاعى)
وهو مجمع على تضعيفه. ضعفه كلاً من أحمد , وابن معين , والنسائي وغيرهم.
وقال الحافظ في التقريب (ضعيف).
==================================
ما ذكر عن أنس رضي الله عنه.
روى الدارمي - (ج 2 / ص 560) قال:
حدثنا عفان حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت قال كان أنس إذا ختم القرآن جمع ولده وأهل بيته فدعا لهم.
ورواه أيضاً سعيد بن منصور في سننه (ج 1 / ص 140) , والطبراني في الكبير.
وقال الهيثمي في الزوائد - (ج 7 / ص 172)
وعن ثابت أن أنس بن مالك كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده فدعا لهم.
رواه الطبراني ورجاله ثقات.
ورواه البيهقي في شعب الإيمان (ج 2 / ص 368) قال:
أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنا أبو منصور النضروي ثنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني عن أنس أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله
ثم قال: هذا هو الصحيح موقوف وقد روي من وجه آخر عن قتادة عن أنس مرفوعا وليس بشيء.
قلت: وقد روى بسنده مرفوعاً ثم قال: وفي إسناده مجاهيل والصحيح رواية بن المبارك عن مسعر موقوفا على أنس.
قلت: وهذا الموقوف صحيح (إن ثبت توثيق جعفر بن سليمان) والله أعلم.
=================================
وهناك آثار صحيحة عن مجاهد وغيره أنهم كانوا يرون الدعاء عن الختم (انظر مصنف ابن أبي شيبة)
قلت: وكل هذا لا يغني في بناء الأحكام والأصل في العبادات التوقف كما هو معلوم.
=================================
وبالجملة: لا يصح في هذا الباب حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم , وما ذكر عن أنس رضي الله عنه ليس له حكم الرفع ولا يبنى عليه حكماً شرعياً.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة تحت حديث رقم (6135).
إن الدعاء المطبوع في آخر بعض المصاحف المطبوعة في تركيا وغيرها، تحت عنوان: (دعاء ختم القرآن)
والذي ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فهو مما لا نعلم له أصلا عن ابن تيمية أو غيره من علماء الإسلام،
وما كنت أحب أن يلحق بآخر المصحف الذي قام بطبعه المكتب الإسلامي في بيروت سنة (1386) على نفقة الشيخ أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني رحمه الله، وإن كان قد صدر بعبارة (المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية) فإنها لا تعطي أن النسبة إليه لا تصح فيما يفهم عامة الناس، وقد أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم.
وما لا شك فيه أن التزام دعاء معين بعد ختم القرآن من البدع التي لا تجوز، لعموم الأدلة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) وهو من البدع التي يسميها الإمام الشاطبي بـ (البدعة الإضافية)،
وشيخ الإسلام ابن تيمية من أبعد الناس عن أن يأتي بمثل هذه البدعة، كيف وهو كان له الفضل الأول – في زمانه وفيما بعده – بإحياء السنن وإماتة البدع؟ جزاه الله خيرا
والحمد لله رب العالمين.
==========================
كلام الشيخ سليمان العلوان عن هذا الفعل:
والدعاء عند ختم القرآن له حالتان:
الأولى: في الصلاة فهذا بدعة
فإن العبادات مبناها على الشرع والاتباع وليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه الله أو سنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ودون ذلك ابتداع في الدين قال صلى الله عليه وسلم ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه من حديث عائشة.
وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام وشيخ الإسلام في الاقتضاء قاعدة عظيمة المنفعة في التفريق بين البدعة وغيرها، وهي أن ما وجد سببه وقام مقتضاه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة ولم يقع منهم فعل لذلك مع عدم المانع من الفعل فإنه بدعة كالأذان للعيدين والاستسقاء ونحو ذلك.
ودعاء الختمة في الصلاة من ذلك فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يقومون في رمضان ليلاً طويلاً ويتكئون على العصي من طول القيام فهم في هذه الحالة يختمون القرآن أكثر من مرة ولم ينقل عن أحد منهم دعاء بعد الختمة.
وقد قال الإمام مالك رحمه الله: ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن وما هو من عمل الناس. ذكر ذلك عنه ابن الحاج في المدخل.
الحالة الثانية: الدعاء عقيب الختمة في غير الصلاة وهذا منقول عن أنس بن مالك بسند صحيح.
ومأثور عن جماعة من أهل العلم.
ولا أعلم في المرفوع شيئاً ثابتاً والله أعلم انتهى كلامه حفظه الله.
¥