ألا ومع هذا يُخيَّل إليه أنّه من رؤوس العلماء، وهو عند الله وعند عُلماء الدين من أجهل الجهلاء، بل بمنزلة قسّيس النّصارى أو حبر اليهود، لأنّ اليهود والنّصارى ما كفروا [إلا] بابتداعهم في الأصول والفروع، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلّم: ((لتركبنّ سنن من كان قبلكم)). اهـ (تاريخ الفقه الإسلامي لعمر سليمان الأشقر ص142 قصر الكتاب، البليدة، الجزائر والكتاب نافع)
لأجل هذا وذاك رأيتُني متحمّساً لجمع مادة علمية في بيان حكم التمذهب بمذهب معيّن من كلام أئمّة الإسلام على مرّ السنين كما ذكرتُ في ثنايا هذا البحث المُتواضع -الذي أسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه وأن ينفع به من قرأه- أُمورا لا غنى لطالب العلم عن معرفتها.
ورحم الله رجلا وقف على خطأ منّي فأرشدني إليه بالتي هي أحسن وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
1) تعريف الحديث الصحيح: هو المسند المتّصل برواية العدل الضابط عن مثله عن مثله إلى منتهاه ولا يكون شاذّا ولا معلاً. (علوم الحديث للألباني ص11 - 12 جمع وإعداد عصام موسى هادي دار ابن حزم ط1)
والمقصود بالحديث الصحيح في هذا البحث هو ما صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم من قول أو فعل أو تقرير أو ترك بالطريقة المذكورة في التعريف أعلاه، وهذه الأربعة هي أقسام سنّته عليه الصلاة والسلام، ولذلك فقد أعبّر عن الحديث الصحيح بالسنّة والعكس بالعكس.
2) منزلة الحديث الصحيح في الشريعة
قال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) (النساء:59).
وقال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يُصيبهم عذاب أليم) (النور:63).
وقال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ممّا قضيت ويُسلموا تسليما) (النساء:65).
و ((أجمع العلماء على أن هذا الرد والتحاكم بعده يكون إلى سنته، ففي هذه الآيات أعظم برهان على تحريم مخالفته، والاستبدال بسنته، فانظر كيف حذر المخالفين له بالفتنة التي هي الشرك، أو الزيغ، وبالعذاب الأليم، وكيف أقسم على نفي [كمال] الإيمان عنهم إذا لم يحكموه في كل نزاع يحدث بينهم، ويسلموا لقضائه، ولا يبقى في أنفسهم حرج من قضائه، وكفى بذلك وعيداً وتهديداً لمن ترك سنته بعد معرفة حكمها، تهاوناً واستخفافاً، واعتاض عنها العادات والآراء)). (من رسالة: أخبار الآحاد في الحديث النبوي للشيخ ابن جبرين أصلحه الله وغفر له -بتصرّف-)
وقال تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) (الأعراف:158).
قال الله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) (النحل:44).
وقال تعالى: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه) (النحل:64).
وقال تعالى: (ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيراً) (الفتح:13).
وقال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا إنما على رسولنا البلاغ المبين) (المائدة:92).
وقال تعالى: (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) (النور:54).
وقال تعالى: (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) (محمد:33).
وقال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين) (التغابن:12).
وقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (الحشر:7).
وقال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم، قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين) (آل عمران:31 - 32).
وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنةُ لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) (سورة الأحزاب:21).
¥