قال الداني في "جامع البيان": "وقد كان محمد بن علي يعني الأذفوي يستثني عن قراءته على أصحابه من جملة الباب ما كان قبل الألف فيه حرف من حروف الاستعلاء نحو "من أبصارهم" "والإبصار" "ومن أثصار ومن أقطارها" وبقنطار "والفخار" "والغار" وما أشبهه، فكان يخلص الفتح فيه، وقول أصحاب ورش في كتبهم يدل على خلاف ذلك، ويوجب اطراد الإمالة التي هي بين بين في جميع الباب" ().
قال المنتوري: وبالإمالة بين بين قرأت لورش هذا الفصل من غير استثناء لما قبله حرف استعلاء على جميع من قرأت عليه، وبه آخذ، وهو ظاهر قول الناظم إذ لم يستثن ما قبله حرف استعلاء قال:
"واعلم أن بعض المصنفين للحروف ذكر عن ورش الإمالة بين بين في قوله "من أنصاري" في آل عمران و"الحواريين" وذهب الداني إلى الفتح فيه عن ورش، ونص على ذلك في "الموضح" و"الاقتصاد" و"التيسير" و"التلخيص" و"الموجز" "وكتاب رواية ورش من طريق المصريين"، وقال في "التمهيد": فأما قوله "أنصاري" فلا أعلم خلافا بين أصحابنا في فتحه، لأن الكسرة فيه ليست بكسرة إعراب، وإنما هي كسرة بناء، إذ كان من حكم ياء الإضافة أن لا يكون ما قبلها إلا مكسورا البتة، "وقال في "إرشاد المتمسكين" نحوه وقال في "جامع البيان":
"ولا أعلم خلافا عن نافع في إخلاص فتح" من أنصاري" في السورتين لكونه في محل رفع، وكون الكسرة فيه بناء لا إعرابا" ().
وأما قوله تعالى "والجار ذي القربى والجار الجنب" فقد ذكر أبو عمرو في "التيسير" أن ورشا يقرأ بذلك بين بين على اختلاف بين أهل الأداء في ذلك، قال: وبالأول قرأت وبه آخذ- يعني بين بين" ().
وقال في التخليص " فأقرأني ذلك أبو الحسن بإخلاص الفتح، وأقرأنيه غيره بين بين وهو القياس وبه آخذ" ().
وألحق ورش بهذا الأصل كلمة كثيرة الدور في القرآن الكريم وهي لفظ "كافرين" في حالتي الجر والنصب دون حالة الرفع التي تكون فيها بالواو، وإلى ذلك أشار الحصري في رائيته بقوله:
"وكان يميل "الكافرين" إذا أتوا بياء ويغزو جيشهم دامي الظفر
وأشار إليه ابن بري فقال:
"والكافرين" مع كافرينا"بالياء، والخلف بجبارينا
وذكر ذلك الداني في سائر كتبه في القراءة وربما يقرأ ذلك بين اللفظين، وقال في "إيجاز البيان": ولا أعلم خلافا عنه في ذلك"، إلا أنه قال في "التمهيد": "ولم أجد لهذا أثرا في كتاب أحد من أصحاب ورش وإنما نقل إلينا من طريق الأداء" ().
وذكر المهدوي في "الموضح" أن الإمالة فيه لما توالى بعد الألف من الكسرات، وهي كسرة الفاء وكسرة الراء والياء في تقدير كسرة، وكسرة الراء كسرتين من أجل التكرير الذي فيه فصار كأنه قد ولي الألف أربع كسرات فقويت الكسرات على الألف فاستمالتها" قال:
"وكان يلزم من أمال "الكافرين" أن يميل "الشاكرين" و"الذاكرين" ولكنه اتبع في ذلك الأثر المروي" (). وقال المهدوي نفسه في "التحصيل": "ولم يمل من أمال "الكافرين" "الشاكرين" و"الذاكرين" "لقلة دورهما قال: والإمالة فيما كثر دوره أولى لأنها تخفيف، وما قل لم يستثقل" ().
ولم يمل ورش ما كان من لفظ "كافر" مفردا نحو "ولا تكونوا أول كافر به"، وقد علل ذلك أبو عمرو بتعليلين أحدهما قلة دور المفرد في كتاب الله، والثاني أن لفظ الجمع أثقل من لفظ الواحد فلذلك خففه بالإمالة ().
وأما لفظ "جبارين" فذكر أبو عمرو فيه الخلاف في "التيسير" وغيره قال في "التيسير" عند ذكر "الجار" "وجبارين" .. "فإن ورشا يقرؤهما أيضا بين بين على اختلاف بين أهل الأداء عنه في ذلك، وبالأول قرأت- يعني الإمالة- وبه آخذ" ().
وقال في "إيجاز البيان" عند ذكر "جبارين": "فقرأته على أبي الحسن بإخلاص الفتح، وعلى غيره بغير إخلاص بين بين، ثم قال: "والوجهان في ذلك جائزان، وبالثاني آخذ وهو أقيس" ().
أصله في الحروف المقطعة في فواتح السور:
وأمال ورش من فواتح السور الراء من "الر" و"المر" والهاء والياء من "كهيعص" و"الهاء من "طه" والحاء من "حم" حيث وقع، وحكى أبو الحسن بن بري الخلاف في "حا" من "حم" وهايا" من أول سورة مريم قال في أرجوزته:
"ورا وهايا ثم ها طه وحا وبعضهم "حا" مع "هايا" "فتحا"
والعمل على خلاف ما استدرك كا قال الإيدوعيشي في "الاحمرار على ابن بري".
"وليس أخذنا بهذا الفتح بل بين بين فاستمع للنصح
¥