تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التَّأْوِيلَيْنِ مِنْ إحْدَى هَاتَيْنِ الْمَنْزِلَتَيْنِ, فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ جُمْلَةً.

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ لِلْمُتَوَضِّئِ, وَلاَ لِلْمُغْتَسَلِ أَنْ يُرَدِّدَ ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَى أَعْضَائِهِ, بَلْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ أَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ, وَبِذَلِكَ جَاءَ عَمَلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَوَجَبَ أَنْ لاَ يُجْزِئَ.

قال أبو محمد: " وَهَذَا بَاطِلٌ, لاَِنَّهُ لَمْ يَنْهَ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ, عَنْ تَرْدِيدِ الْمَاءِ عَلَى الأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ, وَلاَ نَهَى عَنْهُ عليه السلام قَطَّ.

وَيُقَالُ لِلْحَنَفِيِّينَ: قَدْ أَجَزْتُمْ تَنْكِيسَ الْوُضُوءِ, وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ, عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُنَكَّسَ وُضُوءُهُ, وَلاَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَ ذَلِكَ, فَأَخْذُهُ عليه السلام مَاءً جَدِيدًا لِكُلِّ عُضْوٍ إنَّمَا هُوَ فِعْلٌ مِنْهُ عليه السلام, وَأَفْعَالُهُ عليه السلام لاَ تُلْزَمُ. وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ مَسَحُ رَأْسِهِ الْمُقَدَّسِ بِفَضْلِ مَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ.

فإن قيل: قَدْ رُوِيَ يُؤْخَذُ لِلرَّأْسِ مَاءٌ جَدِيدٌ. قلنا: إنَّمَا رَوَاهُ دَهْثَمُ بْنُ قِرَانٍ وَهُوَ سَاقِطُ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ, عَنْ نِمْرَانَ بْنِ جَارِيَةَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فَكَيْف وَقَدْ أَبَاحَ عليه السلام غُسْلَ الْجَنَابَةِ بِغَيْرِ تَجْدِيدِ مَاءٍ. كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ, حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ, حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى, حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ, حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ, حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ, حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ, وَابْنُ أَبِي عُمَرَ كُلُّهُمْ, عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ, عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى, عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ, عَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ, عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ: "إنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِيَ عَلَى رَأْسِكِ ثَلاَثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ".

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ, حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ, حدثنا الْفَرَبْرِيُّ, حدثنا الْبُخَارِيُّ, حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ, حدثنا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ لِي جَابِرٌ: "سَأَلَنِي ابْنُ عَمِّكَ فَقَالَ: كَيْفَ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَقُلْت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ ثَلاَثَةَ أَكُفٍّ وَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ".

قال أبو محمد: " وَلَوْ كَانَ مَا قَالَهُ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ تَنَجُّسِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لَمَا صَحَّ طُهْرٌ, وَلاَ وُضُوءٌ, وَلاَ صَلاَةٌ لاَِحَدٍ أَبَدًا, لإِنَّ الْمَاءَ الَّذِي يُفِيضُهُ الْمُغْتَسِلُ عَلَى جَسَدِهِ يُطَهِّرُ مَنْكِبَيْهِ وَصَدْرَهُ, ثُمَّ يَنْحَدِرُ إلَى ظَهْرِهِ وَبَطْنِهِ, فَكَانَ يَكُونُ كُلُّ أَحَدٍ مُغْتَسِلاً بِمَاءٍ نَجِسٍ, وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا, وَهَكَذَا فِي غَسْلِهِ ذِرَاعَهُ وَوَجْهَهُ وَرِجْلَهُ فِي الْوُضُوءِ, لاَِنَّهُ لاَ يَغْسِلُ ذِرَاعَهُ إلاَّ بِالْمَاءِ الَّذِي غَسَلَ بِهِ كَفَّهُ, وَلاَ يَغْسِلُ أَسْفَلَ وَجْهِهِ إلاَّ بِالْمَاءِ الَّذِي قَدْ غَسَلَ بِهِ أَعْلاَهُ وَكَذَلِكَ رِجْلُهُ.

وقال بعضهم: الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَصْحَبَهُ مِنْ عَرَقِ الْجِسْمِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ شَيْءٌ فَهُوَ مَاءٌ مُضَافٌ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير