ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[26 - 09 - 09, 08:38 ص]ـ
4 - طبيعة دور الحكمين:
اختلف الفقهاء في مهمة وعمل الحكمين، هل هما حاكمان لهما سلطة الجمع حال رجائهما الوئام بعد الخصام والألفة بعد النفرة، أو التفريق حال استحكام الخلاف؟ أم مجرد وكيلين عنهما وشاهدين عليهما؟.
* القول الأول:
أنهما حاكمان لهما سلطة الجمع والتفريق وهذا القول مروي قضاء عن الخلفاء الثلاثة، عمر وعثمان وعلي، وهو مذهب ابن عباس وسعيد بن جبير والقاضي شريح والنخعي والشعبي ومجاهد، وأبي سلمة، وطاووس، وبه قال مالك والشافعي في أحد قوليه، وأحمد في إحدى الرواتين عنه.
الحاوى الكبير ـ الماوردى - (9/ 1422
تفسير البحر المحيط ـ (ادار الفكر) - (3/ 197)
المغني - (8/ 167)
بداية المجتهد - (2/ 79))
تفسير القرطبي - (5/ 177
تفسير الطبري - (8/ 325)
شرح ميارة على التحفة 1/ 196
وهذه نصوص الفقهاء في ذلك:
قال ابن الحاجب من المالكية: «وعليهما أن يصلحا، فإن لم يقدرا، فإن كان المسيء الزوج فرقا بينهما، وإن كانت الزوجة ائتمناه عليها، أو خالعا له بنظرهما، وإن كانت منهما خالعا له لما يحق في نظرهما» انظر شرح ميارة على التحفة 1/ 196
وقال الشربيني من الشافعية: «وفي قول: حكمان موليان من جهة الحاكم لتسميتهما في الآية حكمين» مغني المحتاج 3/ 612
ومن الحنابلة: قال ابن قدامة: «اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في الحكمين ففي إحدى الروايتين أنهما حكمان ولهما أن يفعلا ما يريان من جمع وتفريق بعوض وبغير عوض، ولا يحتجان إلى توكيل الزوجين ولا رضاهما "
المغني 7/ 49
وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى:"ثم إذا وقع الشقاق بين الزوجين فقد أمر الله ببعث حكم من أهله وحكم من أهلها، والحكمان سماهما الله عز وجل هما حكمان عند أهل المدينة، وهو أحد القولين للشافعي وأحمد وعند أبي حنيفة.
والقول الآخر ... هما وكيلان، والأول أصح لأن الوكيل ليس بحكم ولا يحتاج فيه إلى أمر الأئمة ".
مجموع فتاوى ابن تيمية ج: 32، ص: 25 - 26.
وقال ابن القيم:" والعجب كل العجب ممن يقول هما وكيلان لا حاكمان والله تعالى قد نصبهما حكمين وجعل نصبهما إلى غير الزوجين"
زاد المعاد - (5/ 172
قال ابن كثير بعد أن ذكر الخلاف «وقد اختلف الأئمة في الحكمين، هل هما منصوبان من جهة الحاكم، فيحكمان وإن لم يرض الزوجان، أو هما وكيلان من جهة الزوجين على قولين والجمهور على الأول لقوله تعالى: «فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ... » إنما هما حكمين، ومن شأن الحكم أن يحكم بغير رضا المحكوم عليه وهذا ظاهر الآية ... " تفسير ابن كثير 2/ 57
واستدل أصحاب هذا القول بالكتاب والأثر والإجماع والمعقول.
من الكتاب:
استدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا}
وجه الدلالة في الآية من أوجه:
الأول- قوله تعالى: ? وإن خفتم?،:
خاطب سبحانه بذلك غير الزوجين وكيف يصح أن يوكل عن الرجل والمرأة غيرهما وهذا يحوج إلى تقدير الآية هكذا: {وإن خفتم شقاق بينهما} فمروهما أن يوكلا وكيلين وكيلا من أهله ووكيلا من أهلها ومعلوم بعد لفظ الآية ومعناها عن هذا التقدير وأنها لا تدل عليه بوجه بل هي دالة على خلافه"
- زاد المعاد - (5/ 172
الثاني - قوله تعالى (فابعثوا حكما من أهله ..... ) يعني أنهما حكمان:
قال ابن العربي: «هذا نص من الله سبحانه وتعالى في أنهما قاضيان لا وكيلان، وللوكيل اسم في الشريعة ومعنى، فإذا بين الله سبحانه كل واحد منهما فلا ينبغي لشاذ، فكيف لعالم أن يركب معنى أحدهما على الآخر فذلك تلبيس وإفساد للكلام وإنما يسيران بإذن الله ويخلصان النية لوجه الله وينظران في ما عند الزوجين بالتثبت فإن رأيا للجمع وجها جمعا، وإن وجداهما قد تابا تركاهما» أحكام القرآن 1/ 124
وقال الماوردي: " ... أنه خطاب توجه إلى الحاكم، فاقتضى أن يكون ما يضمنه من إنفاذ الحكمين من جهة الحاكم دون الزوجين" الحاوي في فقه الشافعي (9/ 602)
قال ابن القيم: "
ولو كانا وكيلين لقال فليبعث وكيلا من أهله ولتبعث وكيلا من أهلها. وأيضا فلو كانا وكيلين لم يختصا بأن يكونا من الأهل"
زاد المعاد - (5/ 172
وقال أيضا:"
¥