تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن الحساب الفلكي قطعي الثبوت نظراً إلى ما وصل إليه علم الحساب والفلك من الدقة والوثوق في نتائجهما، بينما الشهادة على الرؤية غير قطعية، فربما توهم الشاهد أو كذب، فإذا جاء من شهد برؤية الهلال ليلة السبت مثلاً، وأثبت دخول الشهر بشهادته، وصامت البلاد الإسلامية، ثم كسفت الشمس يوم السبت، تبين أن الشهادة متوهمة أو كاذبة قطعاً؛ لأن من المستحيل أن يرى هلال رمضان ليلة السبت ثم تكسف الشمس يوم السبت، وبالتالي يستفاد من الحساب الفلكي في النفي دون الإثبات جمعاً بين النصوص الشرعية والحسابات الفلكية ().

ـ[راشد اللحيان]ــــــــ[13 - 08 - 09, 05:42 م]ـ

المطلب الثالث: الترجيح:

مما سبق يتضح لي ـــ والله تعالى أعلم ــ أن التوفيق بين الرؤية والحسابات الفلكية ضرورة لابد منها، فالقول بالرؤية مطلقاً إجحاف بالعلم وما وصل إليه من الدقة المدهشة واليقينية، ولم يكن الدين الإسلامي يوماً يعارض العلم القطعي اليقيني، بل يشجع ذلك ويحرص عليه، يتجلى ذلك في الكثير من النصوص القرآنية التي تدعو الناس للتفكر في خلق الله تعالى وبالأخص للتفكر في الكون والكواكب، يقول تعالى: ?الشمس والقمر بحسبان? ويقول تعالى: ?هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب? وأخطأ من قال إن الظواهر الكونية القطعية الثابتة بالبراهين والمشاهدات تخالف النصوص الشرعية ذلك لأن الذي أبدع الكون وأنزل القرآن وأوحى إلى الرسول الكريم هو الله سبحانه، وهو سبحانه منزه عن وجود التناقض والاختلاف بين شرعه وخلقه.

والقول باعتماد الحساب الفلكي مطلقاً إجحاف بالنصوص الشرعية الصحيحة وإهمال لها، وما كان المسلم يوماً يعرض عن النصوص الشرعية المأمور بإتباعها ?وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم? ويقول تعالى: ?وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا? ولذلك فإن الباحث في هذه المسألة يتجاذبه أمران:

الأول: النصوص الشرعية الصحيحة.

الثاني: الحساب الفلكي القطعي.

فالانسياق لأحد الأمرين وترك الآخر قدح في المسلم المأمور بإتباع النصوص والتفكر والعمل بالقطعيات.

لذلك يتضح لي ــ والله تعالى أعلى وأحكم ـــ العمل بالحساب الفلكي في النفي دون الإثبات، وبهذا الرأي يبقى المسلم عاملاً ومطبقاً بالنصوص الشرعية وبما توصل إليه العلم القطعي اليقيني، ويسلم من الوقوع في الخطأ، وسبب الترجيح هو الآتي:

1 - أن الحساب الفلكي قطعي، فقد تطورت العلوم عامة والعلوم الفلكية خاصة، وأتى بعدها غزو الفضاء الخارجي والذي أدى بدوره إلى ربط الحسابات الفلكية والمشاهدات والتوقعات مع الواقع الحقيقي والتأكد من دقة الحسابات رغم المسافات الشاسعة بين الكواكب والأجرام فأصبح بإمكان العلماء تحديد موقع ومكان الخسوف والكسوف قبل أعوام من حدوثها بدقة متناهية، وليس هذا من علم الغيب، بل من المغيبات التي وفق الإنسان لاكتشافها، فكل ما عرف واكتشف ليس بغيب، ألا ترى أن الحاسب إذا قال بناء على حسابه إن الخسوف والكسوف يقع ساعة كذا من يوم كذا وقع كما قال قطعاً ولا يتخلف، خصوصاً وأن مبنى الحساب على الأمور المحسوسة والمشاهدة.

2 - المعروف أن الشهادة على الرؤية غير قطعية فربما توهم الشاهد أو كذب، والحساب الفلكي قطعي، فإذا قرر علماء الفلك أن غداً يستحيل أن يكون هو اليوم الأول من رمضان، فجاء من شهد بالرؤية، وجب على القاضي رده؛ لأنه من المعلوم أن واقع الحال إذا كان مكذباً للشهادة فلا يجوز الأخذ بها، لأن من شروط الشهادة أن تنفك عما يكذبها، فالحساب الفلكي إذا قرر استحالة دخول رمضان غداً لوجود كسوف علمنا قطعاً أن الشهادة غير صحيحة.

3 - أن هذا الرأي فيه إعمال للنصوص الشرعية والحساب الفلكي، وهو أجدر من ترك العمل بالحساب كلية خصوصاً أنه لا يوجد في النصوص ما يدل على عدم الأخذ بالحساب.

4 - جاء عن شيخ الإسلام في مسألة اختلاف المطالع: (إن الرؤية تختلف باختلاف التشريق والتغريب فإنه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير