تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الخطابي: (وأما قوله عزّ وجلّ (والذين هم للزكاة فاعلون)، وقولهم إن المستعمل في الزكاة المعروض لها من الألفاظ، الأداء، والإيتاء، والإعطاء، ونحوها، كقولك: أدى فلان زكاة ماله، وآتاها وأعطاها، أو زكى ماله، ولا يقال: فعل فلان الزكاة، ولا يعرف ذلك في كلام أحد؛ فالجواب إن هذه العبارات لا تستوي في مراد هذه الآية، وإنما تفيد حصول الاسم فقط، ولا تزيد على أكثر من الإخبار عن أدائها حسب، ومعنى الكلام ومراده المبالغة في أدائها والمواظبة عليه حتى يكون ذلك صفة لازمة لهم فيصير أداء الزكاة فعلاً لهم مضافاً إليهم يُعرفون به، فهم له فاعلون، وهذا المعنى لا يستفاد على الكمال إلا بهذه العبارة، فهي إذن أولى العبارات وأبلغها في هذا المعنى؛ وقد قيل: إن معنى الزكاة ها هنا العمل الصالح الزاكي، يريد – والله أعلم – والذين هم للأعمال الصالحة والأفعال الزاكية فاعلون).

(19)

(فانفجرت)، (فانبجست)

قال تعالى في سورة البقرة: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ {60})؛ وقال في سورة الأعراف: (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {159} وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {160})

قال ابن كثير في كلامه على الموضع الأول في (تفسيره) (1/ 101 - 102): (وهذه القصة شبيهة بالقصة التي في سورة الأعراف، ولكن تلك مكية فلذلك كان الإخبار عنهم بضمير الغائب لأن الله تعالى يقص على رسوله صلى الله عليه وسلم ما فعل بهم؛ وأما في هذه السورة، وهي البقرة، فهي مدنية؛ فلهذا كان الخطاب فيها متوجهاً إليهم؛ وأخبر هناك بقوله (فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً)، وهو أول الإنفجار؛ وأخبر ههنا بما آل إليه الحال آخراً، وهو الانفجار؛ فناسب ذكر الانفجار ههنا، وذاك هناك؛ والله أعلم؛ وبين السياقين تباين من عشرة أوجه لفظية ومعنوية قد سأل عنها الزمخشري في تفسيره وأجاب عنها بما عنده والأمر في ذلك قريب والله أعلم).

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[27 - 04 - 08, 06:21 م]ـ

(20)

من دقائق البلاغة في قوله تعالى (وقيل الحمد لله رب العالمين) وقوله تعالى (قيل ادخلوا أبواب جهنم)

قال ابن القيم في (الفوائد) (ص161) في أثناء كلامه في تقرير كمال عدل الله ورحمته ما نصه: (فلو سلك الدعاة المسلك الذي دعا الله ورسوله به الناس إليه لصلح العالم صلاحا لا فساد معه فالله سبحانه أخبر وهو الصادق الوفي أنه إنما يعامل الناس بكسبهم ويجازيهم بأعمالهم ولا يخاف المحسن ليده ظلما ولا هضما ولا يخاف بخسا ولا رهقا، ولا يضيع عمل محسن أبدا، ولا يضيع على العبد مثقال ذرة، لا يظلمها، (وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً)؛ وإن كان مثقال حبة من خردل جازاه بها ولا يضيعها عليه وأنه يجزي بالسيئة مثلها ويحبطها بالتوبة والندم والاستغفار والحسنات والمصائب، ويجزي بالحسنة عشر أمثالها ويضاعفها إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة؛ وهو الذي أصلح الفاسدين وأقبل بقلوب المعرضين وتاب على المذنبين وهدى الضالين وأنقذ الهالكين وعلم الجاهلين وبصّر المتحيزين وذكر الغافلين وآوى الشاردين، وإذا أوقع عقاباً أوقعه بعد شدة التمرد والعتو عليه ودعوة العبد إلى الرجوع إليه والإقرار بربوبيته وحقه مرة بعد مرة، حتى إذا يأس من استجابته والإقرار بربوبيته ووحدانيته أخذه ببعض كفره وعتوه وتمرده بحيث يعذر العبد من نفسه ويعترف بأنه سبحانه لم يظلمه وأنه هو الظالم لنفسه كما قال تعالى عن أهل النار: (فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير)، وقال عمن أهلكهم في الدنيا أنهم لما رأوا آياته وأحسوا حصيداً بعذابه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير