تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[26 - 05 - 08, 10:57 ص]ـ

(34)

تدبُّر قول الله تعالى حكاية عن السحرة في سورة طه: 65: (يا موسى إما أن تُلقي وإما أن نكون أول من ألقى) دون أن يقولوا: (وإما أن نُلقي)

ذكر ابن جني في (الخاطريات) - كما في (معترك الأقران) للسيوطي 1/ 10 - أن العدول عن قوله (وإما أن نلقي): لغرضين:

أحدهما: لفظي، وهو المزاوجة لرؤوس الآي.

والثاني: معنوي، وهو أنه تعالى أراد أن يخبر عن قوة أنفس السحرة واستطالتهم على موسى، فجاء عنهم باللفظ أتم وأوفى منهم [كذا] في إسنادهم الفعل إليه). انتهى.

قلت: وأيضاً هذه العبارة القرآنية أجمل وأحلى - بكثبر - من أن يقال: (يا موسى إما أن تُلقي وإما أن نُلقي)؛ وأيضاً فيها في المقطع الثاني تصريح بالأولية، ومن هذا التصريح يُفهم أن الأولية مرادة في المقطع الأول أيضاً، فهي قائمة مقام (إما أن تُلقي أولاً، وإما أن نلقي أولاً)؛ بخلاف ما لو قيل: (يا موسى إما أن تُلقي وإما أن نُلقي) فليس في هذه العبارة تصريح بالأولية. والله أعلم.

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[26 - 05 - 08, 11:27 ص]ـ

(35)

النور والضياء

وصف الله تبارك وتعالى شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأنها نور، ولم يصفها بأنها ضياء؛ ووصف شريعة موسى عليه السلام بأنها ضياء، ووصفها بأنها نور أيضاً؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً} [النساء 174]، {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} [المائدة 15]، {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [التغابن 8].

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء 48]؛ {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة44]؛ {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً---} [الأنعام 91].

فما هو السر في وصف شريعة موسى عليه السلام – دون شريعة نبينا محمد عليه السلام – بأنها ضياء؟

تجد الإجابة على هذا السؤال في (جامع العلوم والحكم) للعلامة ابن رجب رحمه الله في ثنايا شرحه لحديث أبي مالك الأشعري يرفعه: (الطهور شطر الإيمان؛ والحمد لله تملأ الميزان؛ وسبحان الله والحمد لله تملآن (أو تملأ) ما بين السماوات والأرض؛ والصلاة نور؛ والصدقة برهان؛ والصبر ضياء؛ والقرآن حجة لك أو عليك؛ كل الناس يغدو، فبايع نفسه، فمعتقها أو موبقها). رواه مسلم في (صحيحه) (223).

وقد أجاد ابن رجب – كعادته - في شرح هذا الحديث؛ وإليك بعض ما قاله فيه، وفيه إجابة سؤالنا المتقدم.

قال رحمه الله:

(وقوله صلى الله عليه وسلم: "والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياءٌ "، وفي بعض نسخ صحيح مسلم: (والصيام ضياء)، فهذه الأنواع الثلاثة من الأعمال أنوار كلها لكن منها ما يختص بنوع من أنواع النور؛ فالصلاة نور مطلق--- فهي للمؤمنين في الدنيا نور في قلوبهم وبصائرهم، تشرق بها قلوبهم وتستنير بصائرهم، ولهذا كانت قرة عين المتقين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (جعلت قرة عيني في الصلاة)؛ خرجه أحمد والنسائي--- وخرج أبو داود من حديث رجل من خزاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بلال أقم الصلاة وأرحنا بها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير