[ما الفرق بين الناس و الإنسان في القرآن]
ـ[علي ابن جابر]ــــــــ[31 - 01 - 09, 11:35 م]ـ
هل هناك فرق بين الإنسان والناس في القرآن؟
ـ[محمود المدني]ــــــــ[01 - 02 - 09, 08:45 ص]ـ
إن كنت تريد الفرق في التجويد, فالنَّاس فيها غنةٌ بمقدار حركتين لأنها نون مشددة , ويرتفع اللسانُ أثناء الغنة إلى مخرج النون حتى تنتهي االغنة.
أما الإنسان , ففيها إخفاء حقيقي بمقدار حركتين , وغنةُ هذا الإخفاء لا يرتفعُ فيها اللسانُ بل يبقى ثابتاً في محله , ويكون العملُ على الخيشوم أو الأنف.
ـ[محمود المدني]ــــــــ[01 - 02 - 09, 09:19 ص]ـ
أمَّا من حيثُ التفسير:
فالإنسانُ يطلقُ في القرآن ويرادُ به جنسُ البشر كله , كقول الله تعالى (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) وقوله (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) وقوله (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) وقوله (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ... الخ
فهذه الآياتُ مرادٌ بها برُّ الخلق وفاجرهم , وأنبيائهم ,ومجرموهم , وهي تنزل على واحدٍ بعينه.
وأحياناً يرادُ بها الجملةُ من هذا الجنس , يعني أكثرهم , ويكونُ بعضهم وهو القلةُ , غير داخلين في هذا الإجمال , كقول الله تعالى (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فالإنسانُ هنا لا يتناولُ أفراد بني البشر بأعيانهم , لأنَّ الله تعالى ذمَّ هذه الصفة وأهلها وهذا لا يُتَصورُ في حق أوليائه المتقين من الأنبياء وأوليائهم , فقد استثناهم الله ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما في آية (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السيئات عني إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إِلاَّ الذين صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أولئك لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِير) و حديث «عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاء، إلا كان خيراً له، إن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له، وإن أصابته سراء فشكر كان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن) ولكنَّ هذه الصفة الذميمة هي الغالبة في بني الإنسان , وهذه الفروقُ تظهرُ دائماً بتأمل سياق ورودها وتناسبها مع السابق واللاحق من الآيات.
ومثل قول الله (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) فهذا الإنسانُ المذمومُ هنا لا يرادُ به أعيانُ الناس وأفرادهم , وإنما هو جنسٌ منهم , وهم المشركون المحادون لله , الذين قال الله عنهم في غير هذه الآية إنهم قومٌ خصمون , إشارةً إلى المبالغة في محادتهم لله ورسله.
أما لفظ الناس , فمعانيه تتعدد في القرآن الكريم , فأحيانا يرد بمعنى جميع الناس كقول الله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فهذا شامل لكل الخلق.
وأحيانا يكون معناه مراد به الأمم السابقة كلها كقول الله (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)
وأحيانا يكون معناه متوجها لطائفة معينة من الناس كالمنافقين في قول الله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)
وأحيانا يكون المعنى متوجها لشخص واحد كصيب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - حين نزل فيه قول الله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)
وكقول الله (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) فالناس هنا مراد بها نعيم بن مسعود الأشجعي , والدليل على أن المراد بها واحد هو استعمال اسم الإشارة بعدها في قوله تعالى (نَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ)
ويتنبه في مثل هذه المواضع إلفى أن خصوص سبب النزول لا ينتفي معه عموم الوصف والمدح لكل من تحققت فيه الصفة إذ العبرة بعموم اللفظ , وهذا في الخير والشر.
والله أعلم
ـ[أبي عبدالله]ــــــــ[02 - 02 - 09, 12:59 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم.
ـ[عاطف عراقى]ــــــــ[02 - 02 - 09, 04:09 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم