[والراسخون في العلم يقولون آمنا به]
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[02 - 03 - 09, 05:21 م]ـ
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما ووسع كل شيء حفظا، يا من هو المحيط الجامع والنور الساطع، لك الملك ولك الحمد حمدا كثيرا متواترا ونسبحك تسبيحا يليق بجلال سبحات وجهك الكريم واسمك العظيم، وصلوات منك ربي ورحمة لحبيبك ومصطفاك وآله وصحبه ومن ارتضيت من عبادك المتقين.
القرآن كتاب الله العزيز المنزل على رسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم ولا جدال في ذلك وهو أصدق الكتب والحق الصادع والحجة البالغة، والعالم بالقرآن عالم بعلومه يسعى الى تبيين حقائقه الدامغة مؤولا ما تحقق من أشراط الى قيام الساعة
والراسخون في العلم هم الصفوة من علماء المسلمين، وهم الذين يصطفيهم الله سبحانه لكل عصر ولكل جيل، إلى قيام الساعة. وهؤلاء هم الذين تركوا وسيتركون بصماتهم واضحة جلية في علوم القرآن الكريم بوجه خاص، وفي بقية العلوم الدينية بوجه عام، كل منهم في حقل اختصاصه الذي يسّره الله سبحانه إليه، ولربما كلف بعضهم بأكثر من حقل علمي واحد. ومن هذه الحقول العلمية والإجتهادية: التفسير والتأويل.
وتحققه التدريجي في الآفاق لهو علم محيص، وعلى هذه فقس ما سواها، قياساً علمياً مع البينات، والقرآن الكريم ذم الذين أخذوا القرآن عضين أي فهموه مجزءا بينما هو علم وبحر شامل شديد الأغوار وشموليته واسعة أسسها العدل و الرحمة والله سبحانه يقول في محكم الكتاب (ما فرطنا في الكتاب من شيء) الآية. ولعل هناك عدد من النظريات العلمية في مجالات عدة أعطى القرآن بدقة متناهية اشارة لها وكلما تعمق العلم وجد صدقيتها في كتاب الله عز وجل كأنباء وتاريخ الأمم السالفة وكمثال محقق شخصية ذي القرنين المؤمن حيت حاول المبطلون اثبات شخصية أخرى من عمق التاريخ لا علاقة له بذي القرنين المذكور في القرآن، وعلوم أخرى في كل أصناف العلوم ومنها ما هو معجز ومنها ما لم يكشف عنه بعد ..
والرسوخ: أي رسوخهم علما ظاهراً وباطناً، كذلك ميزهم عن عامة المؤمنين، بإشتغالهم بركنين، غير الإيمان بالقرآن والتسليم بأشراطه، مراقبة أمر الله بتحريك الأشراط، ثم التتبع العلمي كما أسلفنا لتحركاتها ومساراتها وآثارها في الآفاق وفي الأنفس، إضافة إلى تحميلهم مسؤولية إبلاغها للناس، بقدر ما يمكِّنهم وييسر لهم سبحانه وتعالى في التبيين للناس
ووقائع القرون الماضية، وسنن الهلاك، وعاقبة الذين لا يعتبرون بالتاريخ، ولا يصدقون أن في التاريخ وأحداث القرون عبرةً وعظة، ولا يتمكنون من فهم أو تصديق أن أحداث التاريخ هي مرجع القرآن، ومرجعنا لنفهم أن أحكام القرآن صادقة كل الصدق.
وكتاب الله العزيز مسطر بعلم وكل أصناف العلوم المشعة المتضمنة فيه تتفرع عنها علوم أخرى الى ما لا نهاية حتى تستخلص في النهاية الحقائق الدامغة سواء في الآفاق أو الأنفس ومهما كان اضطلاعك في كافة العلوم فلا تسبق ما قضاه الله من أمر ولا تعجل وتتعسف في التأويل والزم الجماعة لأن السنن ماضية هادرة بصدقها الموغل والمكين، ولعل العصر الذي نحياه يتبين الى حد بعيد صدقية ما تواتر من حقائق في كل أصناف العلوم لم تبد من قبل في أي عصر مضى وتتجلى منها الدقة والصدقية والحجية المطلقة، ولقد علمنا القرآن دوما كيف يخسأ الماكرون الذين يسعون الى الهدم وطمس الحقائق، وكيف تترسخ الحقائق بصفائها ليزداد الناس بكل أصنافهم وألوانهم ايمانا وتصديقا بكتاب الله عز وجل.
ومعارف الحضارات المتعاقبة على مر العصور لم تجل بجلاء واضح حقيقة الانسان وما يحيط به ونجد الاسلام كيف بين مكانة الانسان وصاغ الأرضية التي تمكنه من خلافة الأرض وأوضح كل الأسس التي تبين مكانته السامية والرفيعة وجعل توازنا وتوافقا بين كل نزعاته ليعيش حياته في طمأنينة وسكينة.
ولعل أخطر المفاهيم الوضعية هي التي نحت بتوجهاتها المعرفية الى مادية الانسان وأقصت العقل -النور- من المعادلة الحكيمة في هذا الكون مما سبب للأنسان المعاصر انفصاما واستلابا مدمرا في بيأتة ومجتمعه وأدى الى الاضطراب في نفسية الانسان وتداعي شخصيته كانسان مكرم في الأرض ومنها من غالت في الباطنية دون تقصي الحقائق المودعة باحكام في النفس البشرية كالبوذية والزرادشتية وغيرها من فلسفات.
¥