بل أين أنهم فرقوا بين المعاني بمجرد الاختلاس (وهو وارد في لغات العرب وبه قرئ القرآن)؟!!
وكما أشار الشيخ أيمن - وهو محقق فاضل -: القضية برمتها حادثة.
وفقنا الله وإياكم للحق والهدى.
ـ[أبو حسن عبد الحكيم]ــــــــ[07 - 11 - 09, 07:21 م]ـ
الأخ الكريم محمد حسين بارك الله في علمه وعمله وجنبني وأياه الخطأ والزلل .. آمين.
قلت أخي الحبيب:
في مسألتنا هذي نريد أن نفرق بين أمرين - بارك الله فيك - حتى لا نخلط الأوراق فيفسد النقاش؛ أما الأول، فهو أن كثيرا من تلك الأمثلة والكلمات التي نبه عليها المشتغلون بذلك، يرجع اختلاف الصوت فيها إلى قراءتها باختلاس بعض الحروف، ولعل بعض ذلك يكون - كما ذكرتَ - مما قد يرجع أصله للعجمة التي اعترت الألسنة، ومع ذلك، ليس ثم ما يغير المعنى، وقد اختلفت القرأة في اختلاس بعض الحروف مع اتفاقهم في المعنى.
هذا، وإن كان لا يحيل المعنى - بخلاف زعم من زعم -، لكنه خلل لا شك، ولا يمكن تجاهله في مجال الرواية، ولا اختلاس إلا ما ورد فيه اختلاس - كما قال الشيخ أيمن - وفقه الله -، وأن ينصح بالاستماع إلى المشايخ البارعين في ذلك؛ كالشيخ الحصري - رحمه الله -؛ فقراءته عند أفاضل مشايخنا خير مثال يحتذى نعلمه واعيا حريصا على تساوي أزمنة الحركات، وعدم الوقوع في مثل ما ذلك.
أقول – حفظك الله – أن ما ذكرتَه هنا وما ذكره شيخنا أيمن؛ مما لم أذكره في أمثلتي هنا كما ترى، وهو (أي هذا التطبيق أو إعطاء كل حركة حقها) مما ضرب شيخنا له مثلا كـ: خَلَقَكُم، يَعِدُكُم، رَزَقَكُم، أسْلِحَتَكُم، أمتِعَتَكُم، وغيرها من الكلمات التي تتوالى فيها الحركات مما ينبغي على القارئ تسوية الأزمنة بينها لكي لا يختلس بعض حركة. أقول: لم أذكر منها مثالاً واحداً هنا.
وأتفق معك فيما قلتَهُ وقاله شيخنا وأقول بقولكما. فهو كما ترى خارج النزاع. وهو من لحون الأداء أيضاً ولا ريب.
وألفت الانتباه – وأنت أعلم بذاك - إلى أن إقراءهُ للآخرين وتعليمهم إياه، أصعب من الجزء الآخر الذي عده شيخنا - سامحه الله - من الوسوسة. وأعتقد أن الصعوبة تكمن في أن المتلقي لا يجد فرقاً في المعنى بينهما والعلم عند بارئه. فـ: خَلَقَكُم بتلقٍ صحيح و: خَلَقَكُم باختلاس يعض حركة اللام؛ لا تغير المعنى قطعاً. ونحن إلى هنا متفقون.
أما الأمر الثاني: فهو أن أمثلة أخرى مما ذكروا يكون اختلاف أدائها راجعا إلى اختلاف طبقات الصوت بين بعض حروفها، فهي مسألة (نغم) لا غير، ولا خلاف في المعنى كالأولى، بيد أن النزاع في مثل هذي الحالة يكون وسوسة أو تنطعا. وفي كلا الأمرين قد يوافق تغير الصوت اشتباه الكلمة بأخرى تخالفها في المعنى في أداء قوم. فيظن تحول المعنى بذلك.
وهذا هو بيت القصيد، والمسألة ليست مسألة نغم بالضرورة مع أني لم أفهم ما تقصده بالنغم تحديدا، إلا أن المسألة في: طريقة الأداء واختلاف الأسلوب أو النبر حتى يتضح الكلام بدل قولك: مجرد نغم، وكذلك هو تماماً كما في العامية، من يقول: ذهب محمد. أو: ذهب محمد؟ تقريراً أم استفهاماً بنفس المفردات.
ومثل ما يلغز به في إعرابِ قولهم: شيخٌ وجَا ريةً في بطن عصفورِ. ولو قُرِأت صحيحاً لبان وظهر المقصود، بل حتى الكتابة الصحيحة تختلف. وكما ضربتَ مثلاً من قولك: فهِمتُ لما فَهِمت. فـ فهمتُ الأولى تختلفُ معنىً و لفظاً عن فهمتُ الثانية وإن استويتا في الكتابة،
والذي لم يبتلى في لسانه بالعجمة ينطق بها صحيحة كما عناها وقصد بها، لأنه وكما هو معلوم: أن القصد والمعنى يكون في النفس قبل اللسان، إلا إن أراد تلغيزا أو تلبيساً!!
وعدم ذكر السابقين للكيفية نابعٌ من عدم حاجتهم لذلك فهو واضحٌ لهم لا التباس فيه. كما لم تدع الحاجة من قبل إلى علم التجويد.
وأما قولك: ولا خلاف في المعنى كالأولى. فقد نقضتَه بنفسك بعد قليل، إذ أنك أقررت بأن المعنى يختلف في المثال الذي ضربتُه لك.
أما الوسوسة والتنطع فأين هما. إذا قلت لمن تعلمه قل (ومما رزقناهم ينفقون) ولا تقرءها هكذا: (ومما رزقنا هم ينفقون) لتعلمه الصحيح من اللفظين والمعنى تابع للفظ. هل هذا من التنطع والوسوسة!!
¥