تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الِمتقنيها البارعين فيما عمر الإجضييي التملي، وإبراهيم (بيرعمَان) الساحلي، ومُحمد بن علي إجيج، ومُحمد بن مسعود الذي له فيه مؤلف، وآخرين لَهم شفوف تام في ذلك -ولا يزال أناس أحياء إلى الآن من البارعين فيه، وأمَّا المشاركة بين هذين الفنين وبين الفنون الأخرى؛ فإن النادر كل الندور أن تَجد خاليا منها، والمقصود بالْمُشاركة استحضار كيفية تصحيح المسائل على ذهنه بديهة، ويستوعب الشاذ من غيره، وقد تَمرن على العمل كل التمرن، وإنَّما يفوته ما يحظى به الماهرون من الاستبحار في مسائل الفن ودقائقه التي قلما يَحتاج إليها إلا في مثل المناسخات المتشعبة، وإن كان فيهم أجمعين كل ذلك عن نظر لا بديهيا، متى دعت إليه الحاجة.

هذا ما أقصده بالمشاركة، وذلك هو [51] ما يسود حتى على أقراننا اليوم، وكثيرا ما يقولون: من لَم يستطع تَحرير مسألة من المناسخات بديهة في وسط السوق، وهو يقايض في بضاعته؛ فإنه لا يستحق أن يكون مِمن يَحملون اسم الفرضي.

15 - الهيئة:

نعني بالْهَيئة: كل ما يتعلق بعلوم الأفق؛ من علم تتبع سير النجوم، وعلم ما يُعرف به ذلك من الآلات، كالإسطرلاب والربع ونَحوهما، وعلم التوقيت، وعلم الرخاميات، وما إلى كل ذلك مِمَّا هو معروف قبل العصر الحديث، وقد كان للسوسيين يد طولى في هذا الفن الجليل، فكان عبد الرحمن بن عمرو البعقيلي الذي لقبه أحمد الذهبي بالجرادي -لِحكاية- آية في كل ما يئول إلى هذه الناحية، وهو صاحب (قطف الأنوار من روضة الأزهار) وشرح على (السيَّارة)، وهو فذ في عصره، لا يوجد له في براعته في هذا العلم من مثيل، وللرداني ابن سليمان نزيل الحجاز ومدفون دمشق في هذا الفن مهارة أدته إلى اختراع له فيه ارتفع به مقامه بين المخترعين في الإسلام؛ كما لأحمد الولتي الطاطائي المؤقت في الْحَمراء براعة فيه أيضا، وأحمد بن عبد الله بن يعقوب السملالي الذي ألف فيه مؤلفا، وكذلك ابن سعيد الميرغيتي صاحب (المقنع)، كما كان لأحمد ابن الشيخ الحضيكي بِهذا العلم اعتناء كبير يدرسه للتلاميذ، ومن قديم كان لسعيد الكرَّامي فيه ولأهله يد، خلدت فيه بالتأليف ما خلدت، ويظهر أن الاعتناء بِهذا الفن لَم تتصل حلقاته؛ فقد أدركنا الجيل الذي قبلنا يَجهل جلهم هذا الفن، إلا ما في المقنع لا غير، مع أن آلاته من الإسطرلابات والأرباع موجودة عند الأزاريفيين والإجراريين وغيرهم، فكان وجدانها سبب أن اعتنى به بعض الإجراريين المتأخرين حتى حوول أخذ الفن أيضا عن الأستاذ ابن مبارك الغيغَائي، أو من فاس، فأبقيت بذلك صبابة عند السوسيين إلى الآن، ومؤقت البيضاء () الحالي من آثار هذه الصبابة، وكان لابن العربي الأدوزي اهتمام بِهذا الفن، فزاول علم الرخاميات، ثم انتهى ذلك الدور إلى الأستاذ المؤرخ مُحمد بن أحمد الإجراري وآله.

ثم رأينا اليوم في تزنيت من بين تلاميذ قطبي هذا الفن: الأستاذ العلمي الفاسي، والأستاذ ابن عبد الرزاق المراكشي، بعض السوسيين، [52] ربّما يَحيا بِهم الفن في سوس، والمستقبل كشاف، و (المقنع) لا يزال يروج إلى اليوم على قلة ما فيه من قواعد هذا العلم.

16 - المنطق:

نرى هذا الفن يتعاطى منذ تعاطي العلوم من فجر النهضة العلمية بسوس، فنجد في غالب من يترجمون بالتفنن من علمائها ذكر هذا الفن من بين العلوم التي يتقنونَها؛ كمحمد بن مبارك التيوتي، والحاج عمرو بن يعزى السملالي، ومُحمد بن عبد الواسع الرسْموكي، وأحمد بن سليمان المزواري الرسْموكي، وكثير من غيرهم، كما رأينا أيضا بين مؤلفاتِهم جانبا لِهذا الفن؛ فلعبد الرحمن الجرادي البعقيلي فيه مؤلف في الرجز، شرحه يبورك السملالي، ثُم لَم يزل درسه طوال هذه القرون، من عهد المدارس الحضيكية والهوزيويَّة والجشتيمية، وقد أدركه ضعف منذ ولى الصدر الأول من القرن الماضي، فتقلص الاعتناء به إلا عند أفراد، وممن أدركناهم يعتنون به الأستاذان المحفوظ الأدوزي، وابن مسعود البونعماني الذي له على شروحه مباحثات، وكذلك الحسن بن أحمد السملالي، وأحمد بن إبراهيم الإجراري، وعبد الرحمن السالمي الإيسي، وأما سواهم من معاصريهم فقلما يلتفتون إليه.

17 - العروض:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير