يُحدثهم فاهم لفيه بِما يرى
منَ اسرار هذي الكائنات بإعلان
فيا ليتنا كنا جلوسا إزاءه
وإلا وقوفا في مواقف عُبْدان
فنحظى بِما يَحظى به كل جالس
إلى خير مَخلوق وسيد أكوان
ولكن إذا ما فاتنا ذاك وانطوت
على الأمل المرجو أذيال حرمان
فهذا الإمام المجتبى نجله ففي
مَجالسه خير الأزاهير للجاني
يفيض علينا علمه بِحقائق
يعز سناها عن سوى يد رباني
نثافنه في كل وقت كأننا
نثافن أسكوبا يصوب بتهتان ()
[72] فملء يديك من معارف جَمة
ومن أعطيات من يدي غير منان
فأين ابن شوز منه أين جليسه
من الجالس البحر الخضم ابن هتان؟ ()
نراه وديعا بيننا غير أنه
يثور إلى الْهَيجا كشمَّار أسنان
عليك به في السلم واحذر إذا بدا
دعاس الوغى منه فَدوكَس خفان ()
لأصحابه أزهاره وثِماره
وأشواكه يوم النِّزال لأقران
فسل عنه أبناء الصحاري وسكان التـ
ـتنان وزيدانا وأبناء زيدان
فعندهمُ عنه حديث مسلسل
هزائِمهم ترويه عن كل ميدان
إذا احتفلوا واستجمعوا من قواهمُ
بدا منه فردا نَحوهم خير مطعان
يصاولِهم من كل جنب بعركة
مفتتة الأضلاع أبرغ فرسان
تكون له أرواحهم ولِجنده
فساطيطهم والخيل قيدت بأرسان
ويقول عبد الله بن يوسف الوَداتوني في المولى إسْمَاعيل بعد رجوعه من الصحراء سنة (1089هـ) نأتي بالقصيدة برمتها؛ لِمَا تدل عليه من تَمكن في غريب اللغة مع البلاغة:
هواي على تلك المهاري الرواسم
بتلك الخدور المائلات القوائم ()
صمدن إلى نَحر الفلا بدجنة
مَجررة أذيالَها بالقواتِم ()
تبدت من آفاق الْهِضَاب كأنّما
تسوق رياح عاكرات الغمائم
كأن أعالي الْخُدور نواصعا
بياضا ظهور الورق بين الْحَمائِم
كأن بروق الْجو يبرقن فوقها
توالي ابتسامات الثغور البواسم
كأن سراب الدو يلمع بينها
وقد مد نور الشمس فوق الرواسم ()
رجاء خلال الْجيش جيش مظفر
تضم خوافيه خيار الْمَقادِم ()
تَحوم أمانيَّ الورى فوق جوه
كطير إذا ما سار سرن حوائم
يبين أمير المؤمنين أمامه
كساع بتبشير الأهالي بقادم
يصون طليعات الْخَميس ببأسه
كما صين ريش مُختف بالقوادم ()
[73] خَميس تضيق الفيح من جنباته
كما امتد دون السَّيف خُضْر الْخَضارم ()
حدائق أبطال سَنّورها لَها
بِخضرته مثل الْحقول النواعم ()
وشائعها عند الْحُدود مُسوَّر
من الأسل العسال بين الصوارم ()
معودة شجعانه في لقائهم
كلوم العدا بين القفا واللهازم
إذا ما نَجا صوبا فمد جناحه
وأكنافه في صُلَّبَات البَلادم ()
وقد ماج بالسمر اللدان الطوال إذ
تصافح راحات السما بالبراجم
تقدمه نَحو الأعادي وإن هُمُ
من العز والعلياء أبناء دارم
عرمرم جيش الروع يوقع بالعدا
ولَمَّا يُلاقوا الْحَرب شر الْهَزائِم
يقلقهم حتى يغادر هامهم
بِما خامر الألباب ميل العمائم
فمن يَجده منهم تَجلَّده فما
حَمائله إلا خيوط التمائم
يساق بِخوف مزعج ولربما
يسوق حِمارا خوفه للضراغم ()
فيغدو بنحس العضب يصدى صقيله
ويُمسي بسعد الطائرات الْحوائم
ألا أيها العربان ماذا لقيتمُ
من أروع خواض الدجى والسمائم؟
حسبتم فساح البيد تفلت جمعكم
وقد طاردتكم ضاريات القشاعم ()
أردْت لكم تلك الفجاج كأنّها
سِمام خِيَاط حين تُغْشَى بعارم
يُخامركم طوفان بأس فلا يقي
خيامكمُ من سيله أيّ عاصم
إذا حَم أمر لا طواسين سدَّه
ولا عاصمات منه آي الْحوامم ()
سدمتم وقد نادى الردى في خيامكم
وقرَّعتمُ مِما عرا سن نادم
ولكن على الباغي تدور الرحى إذا
تَحرش بالوَرد العبوس الطخارم ()
* * *
هنيئا أمير المؤمنين بأوبة
منَ ارض المنايا والردى والملاحم
فضضت بِها بكرا تساء بعضلها
وجارتها بالزف وسط المراحم
فلم يك كفئا للغواني سوى فتى
يقود لَها مَهر العلا بالعظائِم
عزمْتَ فنلت الفتح فذّا موفرا
على قدر أهل العزم نيل العزائم ()
[74] دعتني بنات السكر خامر بشره
جوانِح صدري بالكئوس السواجم
لتهنئة أفضِي بِها لِمسامع
مشرَّبة بالمبهجات الدوائم
لعلي أرى لي من يديه ملاءة
أفوق بِها أهلي وكل العوالِم
على سيدي مني سلام كأنه
أحاديث ذاك الفتح من فم غانِم
وقال مُحمد بن الْحَسن الإيلالني في تَهنئة مُحمد العالِم يوم نزل بتارودانت:
سعد الزمان وطابت الأيام
لَمَّا بَدا من جيشك الأعلام
فالدهر عيد كله ومسرة
وتعانق وتَحية وسلام
فكأن رغد العيش حين حللت يا
خير الخلائق عندنا أحلام
¥