دامت صنائعه على الأحرار
ما مات من عبقت بنشر علومه
وتفتحت أزهار ذي الأقطار
تلك المكارم لا التعاظم نَخوة
وسفاهة من غير زند وار ()
وكتب الأستاذ مُحمد بن عبد الله الإلغي إلى طلبته بِمناسبة رمضان يُحرضهم على مقابلته بِما يقتضيه، فقال بعد أبيات:
«هذا وقد كنت أعظكم مشافهة ومكاتبة، وأنبهكم إلى الله ملاطفة ومعاتبة، ومحضتكم جهدي مذاكرة ومصاحبة، كل ذلك قياما بالواجب على العبد للمعبود، وتَمهيدا لنا ولكم إلى طريق السلامة يوم القيامة، يوم رض الكبود، إلا فقوموه لله وانتهوا، وتَجلدوا لِمخالفة الهوى ولا تهوا، ومن نوم غفلتكم -وفقكم الله- تنبهوا، وأخلصوا لله ما استطعتم وإلا فتشبهوا».
وقال الأديب علي بن عبد الله الإلغي يُخاطب ابن الداني من كتاب (الحضرة الحسنية)، وذلك عند زورة السلطان لسوس (1303هـ):
إلى الفقيه الذي بدت مَحاسنه
كالبدر إذ يَجتلي في دارة الحمل
لله أخلاقه الغر التي سقيت
ماء الحياة فرقت رقة الغزل
تنسيك أقلامه في الرق راقمة
سم المقرع صنع البيض والأسل
غارت مصانعه في الناس فاشية
وانجدت فغتدت في مضرب المثل
فمن يُجاريه في الإحسان تنشده
وهل يطابق معوج بِمعتدل ()
[111] وقال مرحبا بوفد أدبي، كما هو دأبه دائما كلما نزل به وفد:
لله يوم خَميس جاد لي بلقا
من كنت من بينهم قبل اللقا لقى
حيوا فأحيوا نفوسا طالَما قبرت
واستأصل البعد من أرواحها الرمقا
وفى لي الدهر مذ وافوا وجدد لي
من وشي برد التهاني كل ما خلقا
ما كنت أقضيهم الحق الذي لَهم
وإن فرشت لَهم من جفني الْحَدقا
وقال مودعا، كما هي عادته دائما في كل مقام توديع:
يا راحلا والقلب بين عيابه
والروح مني تبلغ الحلقوما
ما في عظامي طاقة أمشي بِها
فأسير في تشييعكم وأقوما
هيهات سير بقوتي عند الودا
ع فصرت ملقى في الفراش سقيما
وقال من قصيدة أجاب بِها قريضا:
فما روضة جاد العهاد وهادها
وغنت بِها الأطيار في ملد أشجار
وأبدت ونور الشمس قابل نورها
جدا ولَها كالأيم في حين أدبار
وتصبح في برد قشيب منمق
وشته يد الوسمي وشيا بأزهار
بأحسن من شعر يعز على أن
أرى رقمه في غير صفحة أفكاري
وكتب في أثناء رسالة يُهنئ بِها رئيسا بفتح وقع له:
«فالحمد لله الذي جعل الملك مظفرا، وألقى أعداءه منبوذين بالعراء، فأهنئ سيدنا الخليفة، صاحب الأخلاق المنيفة، بِهذا الفتح الذي تيسر لسيدنا، فهو والله فتح انفتحت به مغاليق المنى.
فتح تفتح أبواب السماء به
وتبرز الأرض في أثوابها القشب"
وكتب إلى أستاذ كبير يسائله عن مشاكل فقهية:
"بِحقك يا ريح الصبا طيبي الجوا
ليسلكه مني السلام لِمن أهوى
من على الذي يتململ شوقا، إلى من اتَّخذه وده رقّا، شيخ الشيوخ في هذا العصر، والْحَامل منه بفك المعضلات الأصر ....
عليك سلام من مشوق يدعه
إليك اشتياق كلما طلع الفجر
[112] أمَّا بعد: فلا زائد إلا أننا توقفنا في مسائل أعضلت، وتلوت مسالكها وأشكلت، فليتفضل الشيخ بأن يرعيها بصره، ثم يكتب إلينا في ذلك نظره، وليدع لنا سيدي بِحسن العقبى، فإن البضاعة مزجاة، لا ترجى منها مداجاة، والسلام على من ضمه مَجلسكم الكريم، من العلماء اللهاميم».
ويقول ابن الحاج الإفراني واصفا ولبعضهم فيها ذيل:
أولوز أرض حَماها الله من عاد
برأس واد سقاه الله من وادي ()
قطر بَهيج بأعلى سوس منظره
أبْهَى من الْحوز عند الرائح الغادي
جلست فيه أصَيْلانا وقد صبغت
فيح الفجاج لدى الغروب بالْجادي ()
أمزج بالراح منه الراح فاكتسبت
لونا وطعما غريبا غير معتاد
في روضة من رياض الخلد باكرها
صوب الغمام بإبراق وإرعاد
ظللت فيها رخي البال مغترفا
من نعم سابغات ذات إمداد
حتى تقضيت من شرب الغبوق مني
فقمت عن شاكر لله حَماد
وكتب إلى بعض أشياخه بعد ما عزم على مفارقة من شارط عندهم:
«أمَّا بعد: فقد عولت أن أقوض الخيام، من عند هؤلاء الأقوام، بعد ما صار صيبهم إلى الجهام، وصار صارمهم إلى الكهام () فلا خير في عيش يتمصصه الأبي من بين أشداق الملتهمين، ولا في حياة قنوع غير جسور بين متلمظين نَهمين، فالمشاكلة في الأوصاف، شرط في المعاملة بإنصاف، فكيف مثلي بين لئام رُضَّع ()؟ والطير إنَّما هي على ألافها وقع، وركوب الجنائز، والتلف في المفاوز، على كاهل المعاوز () أدنى إلى من إعادة الشرط مع هؤلاء، والصبر مع أنذال جهلاء.
¥