تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للحم العدا مخشوشن متمعدد ()

يُجاهد في الله العظيم عدوه

بأقدام ليث في الكريهة محرد ()

يشب لظى الهيجاء بقلب مشيع

وكف بصير بالطعان معود ()

وإطراق ثعبان وكيد ثعالة

وتصميم فهد في جراءة فرهد ()

ويُختال ما بين الصفوف كأنه

عروس تَهادى بين خود وخرد ()

على كل طرف سابح ومطهم

قوي القَرَا عبل كصرح مُمَرد ()

ببيض سيوف أو بسمر مدافع

مزلزلة أن يبرق السيف ترعد

[116] يلاعب أطراف الرماح كأنه

صبي مع الولدان بالجوز مستد ()

يَخال مَجال الْحَرب وجه صحيفة

تسطرها خيل اللقا بالتطرد

فينقط مدفاع ويشكل صارم

ويكتب رمح الخط خط مُجود

فأين مساعير الوغا وفوارس اللـ

ـقا ومصابيح العجاج المعقد؟ ()

وأين الألى صوت الصريخ إليهمُ

ألذ وأشهى من سلافة صرخد؟ ()

وأين الألى قد الجسوم عليهمُ

هباء إذا ما العرض غير مقدد؟ ()

فما لَهمُ ناموا عن الدين وارتضوا

بدون حياة في هوان معبد

وما لَهمُ لَم يثأروه وقد هوى

به الكفر مطلول الدماء ولَم يد ()

لقد حق للإسلام إذ مات أهله

وخلوه أن يدعو بويل مردد

فقدس أرواح بِهم عز ركنه

ونام إلى جنب المهدي الموسد ()

وأخصب مرعاه وأشكر ضرعه

وعاش بِهم في خفض عيش مرغد ()

بأسيافهم طال الهدى فتعززت

جوانبه بالنصر في كل مشهد

تروح وتغدو كل يوم بشارة

عليه بفتح أو بِملك مُجدد

إلى أن علا في الشرق والغرب كعبه

وحل حلول الشمس في كل معهد

وكرت جيوش الصبح منه ففر إذ

بدا كل جيش من دجى الكفر أسود

وأهلك حزب الله حزب عدوه

وطهرت الأرجاء من كل مُلحد

أولئك قد باعوا الإله نفوسهم

فلم يستقيلوا بالنعيم الموبد

إلى آخرها ().

أحس أن هذا القدر كاف في أن الأدب السوسي موجود وجودا حقيقيّا بلا مرية في هذا الطور أيضا، ثُم لِهذا الاتساع الأفيح الذي اتصل به حكمنا عليه بالْحُكم المتقدم حين وسمناه بنهضة متموجة، فإن له ميزات شتى وشُمولا كثيرا لنواح متعددة، وألسنا لسنة كثيرة، ما بين مقل ومكثر، ومفلق ومتوسط، بله آخرين كثيرين أيضا من الغاوين الذين يتبعون دائما الشعراء بدعوى مرتبتهم وإن كان بينهم ما بين الخضراء والغبراء.

[117]

ذيل لِهذه النهضة

بعد 1352هـ

سَمع القارئ ذلك الحكم المسمط الذي حكمنا به على أدب هذا الدور بأنه ينتهي مده في سنة (1352هـ)، وقد بقي خامدا هامدا ينطفئ شيئا فشيئا وعلى وجهه -بالإعراض عنه- غبرة ترهقها قترة، وهو في حالة المرموس، وإن كان الجهال يظنونه حيّا، وأنى يظن عاقل أنه في حكم الحياة؟ مع أن أقطابه الذين تَخطاهم الْحمام، وبقوا بعد تلك الحلبة، يرفعون العقيرة بإنشاد البيت الشهير:

هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا

من قبله فتمنى فسحة الأجل

ههم أولاء اليوم وهم من كانوا أمس زينة المحافل الأدبية في انزواء وفي استيحاش، يرحمهم اليوم من كان يغبطهم أمس، وقد ذوت القوافي من أقلامهم وغاضت القرائح من أعراضهم، وما أعراضهم إلا أثر للصدمة الهائلة التي زلزلتهم بالْحَادثة الجلي زلزالَها، من احتلال تلك الناحية (1352هـ).

فكيف لا ينهار ذلك البناء المشمخر من أساسه، ثُم لا يبقى فيه أثر يدل على العين، لكن نَحمد الله على أن السعد لا يزال يلحظ الأدب السوسي بعيونه، فهيأ نشئا من أبناء هذه النهضة فاتصلوا بالحواضر، بعد ما شدوا في التعاليم الأدبية السوسية، فامتزجوا هناك بالأدب الحديث، فتَعَانَق -بسببهم- الأدب السوسي والأدب العصري، فتكشف ذلك عن أدب مُمتزج في أنظار بعض الأدباء السوسيين المتأثرين بأسلوبهم الذي نشئوا عليه، وإن لَم يكن في الحقيقة كالعسل المصفى، فأمنا بذلك من اندثار الأدب السوسي بالكلية، بل رجونا أن يكون لِهذا النشء تأثير في الفكر الأدبي السوسي حتى يستطيع أن يندمج في حركة الأدب العربي العام التي تسود اليوم العالم العربي كله، فتؤدي أيضا القريحة السوسية ما عليها، فيرجع النشاط الأدبي من جديد إلى ما وراء الأطلس كما كان منذ قرون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير