تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في خطاب القناة أيضا يمثل أسر المقاومين الفلسطينيين جنودا إسرائيليين (اختطافا)، بينما تمثل أعمال إسرائيل المشابهة (اعتقالا). لقد كان اختطاف أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من سجنه في أريحا (اعتقالا) في رأي القناة، بينما كان بالمعايير الموضوعية (اختطافا)، حيث تم بالإغارة على أرض محتلة، في تحد للسلطة الشرعية في تلك الأرض، وانتهاك للاتفاقات الموقعة معها بضمانات دولية. أما أسر المقاومة الفلسطينية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت (أصبح اسمه مشهورا، بينما أسرانا يحسبون بالأرقام فقط،، ولا نعرف أسماءهم) فقد سمته (العربية) اختطافا. وسمت القناة اختطاف الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني (اعتقالا) بينما هو بالمعايير الموضوعية اختطاف. لماذا تنهج (العربية) هذا النهج؟ وما الفرق بين (الاعتقال) و (الاختطاف)؟ أليست العبارتان تدلان على الشيء نفسه، أو (محصلة بعضها) كما يقول المصريون؟ لا، ليس كذلك. الاعتقال سلوك أمني تقوم به دول ذات سيادة لحماية مصالحها، بينما الاختطاف سلوك إرهابي إجرامي لا تقوم به سوى العصابات. وهكذا يريد مروجو هذه التوصيفات أن يقولوا لنا إن إسرائيل دولة، وإن مقاوميها ليسوا سوى جماعات فوضوية غير منضبطة وغير قانونية وغير أخلاقية.

وفي هذا السياق لا بد من التوقف عند تناول القناة لأحداث غزة الأخيرة وتداعياتها. كالعادة، فإن موقف الراشد الذي يعلنه بوضوح في عموده اليومي في (الشرق الأوسط) هو الذي يعاد إنتاجه في التناول الإخباري والتحليلي للقناة، بما في ذلك المقابلات وما يتم اختياره من الصحافة العربية والأجنبية، وهو ما يجعل قناة العربية أحادية ومؤدلجة. لقد تبنت القناة وجهة نظر حركة فتح بالكامل، وقامت بنقل كل المؤتمرات الصحافية لقادتها مباشرة، بما في ذلك مؤتمرات مسؤولي مخابراتها الذين لم يكن لديهم سوى توجيه تهم الظلامية والقتل لحركة حماس. في المقابل تجاهلت القناة مؤتمرات قادة حكومة الوحدة الوطنية في غزة، وأعضاء المجلس التشريعي المنتسبين إلى حماس، ولم تشر إليها إلا في إطار التناول الإخباري، وبشكل محدود وبطريقة مبتسرة وملونة. في مستهل الأحداث، صورت القناة سيطرة حماس على القطاع بأنها حركة خارجة على القانون، ووصفتها لاحقا "بالانقلاب على الشرعية". ولما أشيع خبر اقتحام منزل ياسر عرفات في غزة، كتبت العربية على صدر شاشتها: "مسلحو حماس يسرقون منزل ياسر عرفات". الخبر طبعا مصدره فتح، وكان الأولى مهنيا أن تنسب القناة الخبر إلى مصدره غير المستقل، لكنها لم تفعل. واستخدمت كلمة (يسرقون)، مع أن الكلمة المستخدمة صحافيا في مثل هذا الموقف هي (ينهبون)، لكن الخيال المريض لمحرر القناة عمد إلى اختيار هذه الكلمة ليوحي أن كتائب القسام ليسوا أكثر من لصوص وقطاع طرق. وتجاهلت القناة رد حماس على هذا الزعم ولم تشر إليه ألبتة في نشراتها اللاحقة. كما وصفت القناة كتائب عز الدين القسام والقوة التنفيذية التابعة للحكومة في غزة (بالميليشيا)، بل أحجمت عن وصف حكومة هنية (بالمقالة) وهي الصفة التي أطلقتها عليها أكثر وسائل الإعلام والفضائيات (بما فيها قنوات الجزيرة والحرة والبي. بي. سي)، مبتدعة صفة (المنحلة)، ولأهل اللغة العربية أن يتأملوا دلالات هذه الكلمة الشيطانية التي تفردت بها (العربية).

في سياق تناولها للأحداث ذكرت القناة أن "إسرائيل تجلي جرحى فلسطينيين في معبر ايريتز لعلاجهم في إسرائيل"، وهو خبر غريب وربما كان غير صحيح، لكنه يؤدي الهدف، ويوحي بالإنسانية التي يتمتع بها الإسرائيلي في مقابل العجز والبؤس اللذين يتردى فيهما قطاع غزة. ولما ألقى إسماعيل هنية خطابه الشهير الذي استغرق قرابة الساعتين في الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو 2007، باسطا فيه موقف حكومته وحركته من الأحداث وأسبابها وتداعياتها، تجاهلته العربية، ولم تقم بنقله على الهواء ولا بثه لاحقا، فيما نقلته فضائيات عديدة أبرزها الجزيرة، التي نقلته مباشرة في قناتيها بتمامه. ولم تقف العربية عند هذا الحد، بل حاولت تشويه خطاب هنية في نشراتها، وتصدر شاشتها هذا العنوان: "هنية يهاجم الأردن ومصر". كان ذلك حشفا وسوء كيل، فهنية لم يهاجم مطلقا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير