ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[19 - 07 - 05, 11:02 م]ـ
أما كلامك في الشيخ الإمام محمد بن عبد الكبير الكتاني، فهو ظلم محض، وما الفائدة في لمز الرجل وذمه وهو قد توفي قتيلا شهيدا دفاعا عن الإسلام؟، بأي دين استحللت عرضه؟، كان من الممكن أن تسأل وتستفسر دون لمز وهمز، هل طريقة أهل الحديث اللمز والثلب دون تثبت؟، إن كان كذلك؛ فما بذلك عرفناهم، وإن لم يكن؛ فتب إلى الله.
سألت أخي: ما هو الفتح الأكبر؟.
قلت: هو مرتبة يصل فيها المرء إلى رتبة قال الحق فيها: "ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين"، فما هو العلم الذي يتميز به المحسن عن غيره؟، ذاك هو الفتح، فإن قلت: أنت تزكي على الله. قلت: حاشا لله، ولكن الله تعالى جعل لكل شيء علامة، وعلامة فتحه، استقامته أولا، والتي لم يشكك فيها حتى أعداؤه، ودفاعه على الشريعة بكل ما له من نفوذ، ووسع علمه بحيث سلم له الموافق والمخالف، وتأتي النصوص في ذلك غن شاء الله. هل تنكر أن علم ابن القيم وابن تيمية رحمهما الله تعالى لم يكن من جنس العلم الكسبي؟، إن قلت بل هو مثله، قلت لك: ففسر كلام ابن القيم في مقدمة اجتماع الجيوش الإسلامية، وفي طريق الهجرتين، أو اكتب مثله إن استطعت.
وأما مقام الختمية؛ ففسره لي؟، إن استفسرت عن مشروعية الاصطلاح، استفسرتك عن مشروعية اصطلاح الحافظ، والحاكم، ومجتهد المذهب، ومجتهد الفتيا وغيرها من اصطلاحات العلماء. وإن استفسرت عن المعنى: قلت لك معنى الختم: المجدد، فإذا قلنا مقام الختمية: معناه التجديد، لا خلاف بين اللفظين من حيث المدلول.
أما سؤالك عن وحدة الوجود ما هي؟، قلت لك: ما هي؟، إن قلت: إن الكون كله هو الله، قلت لا يختلف عاقل في أن هذا الكلام حمق قبل أن يكون كفرا، فإن استفسرت ما هو: قلت لك: هو مقام يصل فيه العبد إلى أن يرى أن كل ما في الوجود إنما هو لحكمة إلهية، فينظر مقتضى حكم الله تعالى في ذلك، فلا يتصرف إلى بما تقتضيه الشريعة فيه، وفيه الحديث: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك". وكل ما دار من الأشعار ومن الكلام في هذا المضمار إنما هو تلوين ذوقي ووصفي ومعنوي حول هذا المعنى، ومن هنا اختلف الأكابر في بعض الصوفية، فمن بسط الفاظ حتى بان له المدلول، فهم المراد ومشتقاته، ومن لم فلا. واقرأ منازل السائرين، ثم اشرحه بمدارج السالكين.
ومن هاهنا: قلت في الترجمة أعلاه: "إليه المرجع في فك غوامض أقوالهم وحل مقفل علومهم". يعني عمن ذكرتَ أعلاه.
ثم ادعيت أنه كان يكتب في الغوامض سرا وفي الظواهر علنا، ثم أظهر ما أسره، فخلاف الحقيقة، فالذي وقفنا عليه، والذي ذكره شقيقه الحافظ الشيخ عبد الحي الكتاني في "المظاهر السامية في النسبة الشريفة الكتاني"، أنه تراجع في آخر عمره عن الكتابة في دقائق العلوم، لعدم احتياج الناس إليها، وعدم استفادتهم بها، ولتفرغه في الإصلاح وحرب المستعمر.
وزعمك أنني بالغت في قولي: "أجمع مترجموه أنه كان ..... "، فراجع ترجمته عند الفاسي نفسه وما وصفه به في ديباجتها، وترجمته عند ابن سدوة، بالرغم من أنني لا أحتج بهما هنا، ولأسق لك كلام أئمة العصر فيه رضي الله عنه، عن كتاب "ترجمة الشيخ محمد الكتاني الشهيد" للإمام الباقر رحمه الله، وهو قد طبع حديثا كما أسلفت:
الشيخ محمد محمود الشنجيطي ()؛ المتوفى بمصر سنة 1322، ومعروف عن هذه الشخصية أنها لم تكن تنقاد لأحد، ولما اجتمعت بالمترجم؛ انقادت له انقيادا كليا، حتى إنها لم تكن تفارقه، وقالت له: ((ما جاءنا من المغرب مثلك!))، ومدحه بقصيدة.
قال الإمام في "النبذة" (): ((كان أعجوبة الدهر خَلقا وخُلقا، وبذلا وجاها، وعلما وعملا، وفصاحة وقلما، وبراعة واقتدارا في كل شيء، وكانت همته في الذكر والتذكير، والدلالة على الله تعالى وعلى كل خير، وكان يقوم بعض الليل ويصوم الخميس والإثنين ... إلى غير ذلك)).
¥