تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((له همة في الكتب واقتنائها عجيبة .. يختم الكتاب المشتمل على مجلدات في ليلة واحدة، وأما الحفظ السالم من الشك والريب؛ فإليه المنتهى، وعنه الحديث الغريب في ذلك، ختم صحيح البخاري بـ: "فتح الباري" في مراكش في مدة قليلة؛ فما ذهب عن ذهنه شيء من "فتح الباري" بعد ذلك)).

((قال لي زعيم الفقهاء بمراكش أبو عبد الله محمد بن إبراهيم السباعي (): "ما رأيت أحفظ من أخيك ولا سمعت به في عصرنا هذا!. قال: كنت أنا وهو في المحلة العزيزية، فكنا نترافق كل ما ركبنا، فكنت أراه يحفظ كل ما يرى من تفسير وحديث وأدب وتاريخ". قلت: وحفظ الأستاذ شيء أجمع عليه الموافق والمخالف، وأن الناس لم يروا مثله في ذلك، وختمه الصحيح بجامع القرويين بمحضر آلاف من الخلق؛ جلس في الغلس بعد صلاة الصبح، فلم يقم إلا قبيل الظهر، كل هذه المدة وهو يملي من غير تلعثم ولا تلكؤ مشهور معروف، قل من لا يعرفه، حضره أعيان الفقهاء وكبار الجاحدين، ولو رأى ذلك من غريب عن بلادهم؛ لعدوه معجزة إلهية)).

((وكان - رضي الله عنه - يحفظ الشعر - بل القصيدة - بسماعها مرة، فلم أر فيمن رأيت من أدباء الشام والحجاز ومصر والمغرب، من يحفظ المقطعات الشعرية كحفظه، بحيث لو شاء أن لا يتكلم إلا بالشعر؛ لما اعتاص الشعر عليه. والذي يحضر حلقة الذكر ويرى ترتيبه للمنشدين ما ينشدون، يقضي بالعجب العجاب، إذ؛ مرة لا ينشد طول حلقة الذكر إلا العشقيات، ومرة في الوصاليات ومرة في الحقائق، ومرات في غير ذلك، وقد تجالسه السنة فلا تسمعه كرر بيتا أو قطعة)).

((إذا صرصر قلمه؛ قطعت أنه أفصح خلق الله قلما، وإذا نطق؛ جزمت أنه أطلقهم لسانا، وما أظن أن فصاحة القلم واللسان اجتمعا لإنسان قبله، إذ المعهود: الكمال في اللسان أو القلم، إذا رأيته يكتب لا تحسب أصابعه من لحم ودم من طول ما يكتب وسرعته، وربما كتب الكراريس المتعددة في اليوم الواحد ... )).

وقال: وقال صاحب "المظاهر" في رسالة كتبها للشيخ المكي بن عزوز رحمه الله، بعد أن ذكر أنه: يعجبه أن يكون الإنسان أثريا صوفيا عصريا (): ((كان- أي المترجم- في حفظ السنة والآثار كابن تيمية ()، وفي التصوف كالحاتمي () وأضرابه، وزاد بالاستغراق في المحمدية ودوام الهيام بالأحمدية، مع بقر مشكلات الكتاب والسنة، وفهمها على مقتضى استغراقه ودوام هيامه، بما أصبحت به تلك المشكلات واضحات. وفي علم الوقت؛ كأكبر واحد في الوقت، يستعين بآلة الأولين على فهم قواعد الثالث، ويشرح بمخترعات الثالث جزئيات الكل، فمزج الشريعة بالحقيقة، والفلسفة بالإسلام على أبهج طريقة، مع رمي التقليد الأعمى والتعصب الذميم)).

((وكان يفرق بين أنوار الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويكشف اللثام عن محيا بواطن كلام الله تعالى الواردة في الحديث الشريف في قوله: "إن القرآن له ظاهر وباطن، ولباطنه سبعة أبطن" ())).

وكم له من حسنات في ميدان إعزاز السنة وإخماد البدعة؛ رحل إلى الصحراء سنة 1312 و1313، ولمراكش سنة 1314، وللحجاز سنة 1321؛ فأقام معالم الدين، وعمل على توحيد كلمة المسلمين. وتاريخ كل رحلة يخرج في مجلدات. وقد أذعن له فحول وتلمذوا له في سائر الأقطار الإسلامية، ومدح من شعراء العالم الإسلامي بما يقرب من عشرين ألف بين من الشعر ()، وشهد له بعظيم الشان أيمة عصره شرقا وغربا.

ومنهم: ابن خاله الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني المتوفى سنة 1345، ترجم له في "النبذة" () بعد ما ترجم والده الشيخ أبا المكارم قائلا ما لفظه: ((ومنهم: ولده الذي طبق ذكره الآفاق، وشاع صيته في الحواضر والبوادي وسائر الرفاق، العلامة الأبهر، الصوفي الأكبر، من تفجرت ألسنته وأقلامه بالعلوم، وبهر بما يبديه الخصوص والعموم، المربي النفاع، الكثير التلاميذ والأتباع: أبو عبد الله مولانا محمد ... )).إلخ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير